العلم بلا عمل.. كالعمل بلا علم

المعتصم بالله نور

ما فائدة العلم الذي يكتم في الصدور ولا يضيء للمجتمع دربه ويوضح مسالكه؟ وكذلك ما فائدة العمل إن كان غير مبني على أسس علمية واقعية، وهل دمر غير الجهل مجمتعاتنا؟

إن العلم والعمل مرتبطان ارتباطا وثيقا لا انفكاك له، وبهما نرتقى ونداوي جراحاتنا.

وهنا نتساءل: ما هي فائدة الخطابات الرنانة التي تذاع هنا وهناك؟ وما فائدة الجتماعات والمؤتمرات التي تنعقد في كل مكان إن لم تبدأ بمشروع عملي جاد يتيح للطبقة العامة وخاصة الشباب المشاركة في بناء مجتمعهم الخاص القائم على أسس علمية واقعية؟

ليست المشكلة بالنسبة للشباب مشكلة ذكاء وقدرة، وإنما هي مشكلة عدم توافر الجو المناسب لإفراغ هذه القدرة والطاقة في موضعها المناسب
إنه لا يخفى على كل إنسان العربي منه أو الأجنبي أن الشباب العربي يمتلك طاقات جبارة، وإن أتيح لهذه الطاقات الإفراغ في المكان الصحيح وتفريغ ما لديها من مواهب فإن المجتمعات العربية ستجد الجواب للسؤال المتكرر.. “ما هو سبب تقدم المجتمع الغربي على العربي؟!

والدليل على ذلك هو تلقف الجامعات الغربية للشباب العربي المتميز والنجاحات المذهلة التي حققها العرب في الدول الأوروبية في المجال العلمي وحتى المهني، فتارة نسمع أن شابا عربيا تفوق على الألمان في نطق لغتهم الأم، وتارة نسمع أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية كرم أحد الشباب العربي لتفوقه العلمي، وفجأة نجد أن براءة اختراع سجلت لشاب/شابة عربي في جامعة كذا وكذا، وتارة نسمع أن من ساهم في ظهور الروبوت العالمي (ASIMO) المقدم من شركة هوندا هو أسامة الخطيب (عالم روبوتات سوري يرأس معمل الروبوتات في جامعة ستانفورد).. ومثل ذلك كثير.

قال تعالى “كُلًّا نُمِدّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاء رَبّك وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّك مَحْظُورًا”.

وكما قيل “إن المجتمع العربي يحارب الناجح حتى يفشل والمجتمع الغربي يساعد الفاشل حتى ينجح”.

ليست المشكلة بالنسبة للشباب العربي مشكلة ذكاء وقدرة، وإنما هي مشكلة عدم توافر الجو المناسب لإفراغ هذه القدرة والطاقة في موضعها المناسب.

إن من أشنع الأخطاء التي ترتكب في بلادنا الخطابات الرنانة والحماسية التي يلقيها بعض العلماء وحتى الساسة، والتي بدورها تلقي بثقلها على الشباب دون إيجاد منفافذ ونشاطات لإفراغ هذا الحماس، فلا توقع في نفوسهم سوى ضغط نفسي وحمل زائد لا يعلمون أين سيلقون به، وذلك لعدم توفير فرص عمل أو نشاطات مجتمعية متعددة تخفف من ألم الفراغ وسلبياته.

وكما قال الإمام الغزالي رحمه الله “إنما فسدت الرعية بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفا من إنكارهم”.

الغزالي: إنما فسدت الرعية بفساد الملوك، وفساد الملوك بفساد العلماء، فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفا من إنكارهم
ومن هنا نعود ونسلط الضوء على أهمية اقتران العلم بالعمل، فإن كانت الخطابات الهادفة والرنانة تلقى هنا وهناك، فيجب على من يلقيها أن يطرح المشروع العملي والعلمي المقترن بها، ويجب على المجتمع من علماء وتجار وقادة وساسة أن يدعموا هذه المشاريع الهادفة لتحقيق الرقي الفكري وحتى المادي.

ويدعم هذا قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا”.

ويختصر غاندي الكلام السابق بسبعة أشياء تدمر الإنسان والمجتمعات هي:
1 – السياسة بلا مبادىء
2- المتعة بلا ضمير
3 – الثروة بلا عمل
4 – المعرفة بلا قيم
5 – التجارة بلا أخلاق
6 – العلم بلا إنسانية
7- العبادة بلا تضحية

ومن هنا نؤكد أن العلم والعمل مرتبطان ارتباطا وثيقا لا تفريق بينهما. وذلك مصداقا لقوله تعالى “وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ”.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.