الظلمة وأعوان الظلمة

أي بُــــــني ..

حذار أن تكون ظالمًا أو أن تكون في سلك الظالمين ..
حذار أن تبشّ لظالم أو أن تعينه ولو بتقديم منديل ..
حذار من أن تتقرب لظالم ولو وعدك بقصور كسرى وكنوز قارون ..
حذار أن توافقه أو تقرّ صنيعه أو أن تفتح عليه بفكرة أو رأي ..

أي بُــــــني ..

لقد وقفت على مظلمة لأحدهم تآلب عليه الظالم وأعوانه ومؤيدوه؛ فمنهم من يشي، ومنهم من يبصم، ومنهم من يكتب، ومنهم من يعدّ ويجهز، ومنهم من يحيك ويخطط، ومنهم من يرضى ويبارك، ومنهم …

وتباينت في ذلك أهدافهم ودوافعهم؛ فمهم ظالم غاشم، ومنهم حاقد حاسد، ومنهم متزلف متسلق، ومنهم سحيج، ومنهم متابع لغيره مقلد دون تيقن ولا تحقق؛ فتراه يظلم بظلم غيره، ومنهم …

أي بُــــــني ..

اعلم أنّ الله تعالى قد حرّم الظلم على نفسه وجعله محرّما بين خلقه ومستوجبا للعنته ونقمته { أنْ لعنةُ الله على الظالمين }
وحذّر من إعانة الظالمين والركون إليهم فقال: ﴿ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ﴾

أي بُــــــني ..
اعلم يا باب أنّ أعوان الظلمة لا يقلون جرما عن الظلمة، وقد أبرأ نبيّك صلى الله عليه وسلم الذمة من أعوان الظالم، فقال: {مَنْ أَعَانَ ظَالِماً لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقّاً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ}. أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.

قال ابن الجوزي رحمه الله: ”مساعد الظلم ظالمٌ” فكل من ساعد ظالمًا أو قدم له عونًا أو دعمًا أو حتى تأييدًا هو ظالم مثله، وشريكٌ له في الإثم والوزر بقدر ما قدم وبقدر ما أيّد وساند ..

يُروى عن الامام الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه حينما كان مسجونًا ظلمًا، سأله السجّان عن الأحاديث التي وردت في أعوان الظلمة، فقال له: الأحاديث صحيحة، فقال له: هل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال له: لا، لست من أعوان الظلمة، إنما أنت فمن الظلمة !”

فيا خسارة من وافق ظالمًا أو أيّده أو أعانه !
ويا خسارة من قدّم لظالم خدمة أو أنجز له مهمة !
ويا خسارة من توكّل لظالم بما نوّبه فيه ووظفه له !
ويا خيبة من سحج لظالم أو رضي صنيعه ولم ينكره !

عجبت لمن يظلم أو من يعين ظالمًا ..
كيف يقرّ له قرار ويهدأ له بال ويغفل عن دعوات تصعد إلى السماء تجلجل .. ورب العزة يقول لها :{ وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين } !!

وصدق الحكماء:
{ربما بالظلم قد تصل إلى ما تريد، ولكن دعوة مظلوم قد تفقدك كل شيء}
{لا تستهن بقدرة مظلوم، فربما بدعوة منه يجعلك أضعف إنسان}