السقوط من أعلى، تفويت الامتحان، والتحليق في الهواء.. دليلك العلمي الشامل لفهم أحلامك الغريبة

لطالما كانت الأحلام هاجسا أساسيا لدى رجال الفكر والفلسفة والدين والعلم والخرافة كذلك، لكنها تمتلك أهمية مماثلة لدينا أيضا. في الحقيقة، فإن الكثير من البشر يعتبرون أن أحلامهم حقيقية وتُعبِّر عن أشياء حدثت أو ستحدث بالفعل، في هذه المادة المبسَّطة والمُعمَّقة يُقدِّم أستاذان في علوم الأعصاب، هما أنطونيو زاردا من جامعة مونتريال وروبرت ستيك جولد من جامعة هارفارد، أحدث ما نعرفه عن الأحلام من نظريات في العلوم العصبية، إلى جانب ذلك فإنهما يعرضان لنظرية جديدة ترى الأحلام وسيلة إبداعية يستخدمها الدماغ لتعزيز الذاكرة، حيث تنتقي خلالها روابط ضعيفة بين ذكريات سابقة وذكريات حالية، وتعرضها أمامنا كأنها مسرحية أو رواية.

نص الترجمة
وصفتْ شابة حلمها المتكرر أثناء مشاركتها في إحدى الدراسات التي تُجرَى على الأحلام قائلة: “كنت أسير بمحاذاة الشاطئ وأعلم أن والديّ على بُعد مسافة قصيرة مني، وبينما أتأمل في المحيط، يظهر أمامي فجأة حرف “أ” ضخم بلون وردي يقفز من الماء. ناداني: “اتبعيني!”، بدا صوته عميقا وقويا، وما كان لي حينها إلا أن أقفز إلى الماء للسباحة تجاه هذا الحرف العملاق، لكنه مع ذلك استمر في الابتعاد، واستمرت الأمواج في الاتساع، وكان هذا آخر شيء أتذكَّره قبل استيقاظي”.

تتميز العديد من أحلامنا بمحتوى واسع النطاق، بصورة لا يمكن تخيُّلها، وغالبا ما يبدو هذا المحتوى غريبا لدرجة يصعب معها تصنيفه. لكن في بعض الأحيان، تجتمع سمات وملامح معينة للأحلام لخلق حلم منطقي بمحتوى موضوعي، تختبره نسبة كبيرة من سكان العالم عبر الزمان على اختلاف ثقافاتهم. إن راودك ذات يوم حلم السقوط من أعلى، أو ارتداء ملابس غير مناسبة، أو عدم الاستعداد للامتحان، فأنت بذلك اختبرت أحد هذه الأنواع الشائعة من الأحلام.

ربما نتساءل ما الدور الذي تلعبه هذه الأحلام في حياتنا؟ ثمة بعض الأفكار الجيدة للإجابات المحتملة عن هذا السؤال، فقد ظهر عدد لا يُحصَى من النظريات لتفسير السبب الذي يجعلنا نحلم، بداية من تأكيدات الطبيب النمساوي ومؤسِّس علم النفس الحديث سيغموند فرويد أن الأحلام تُعبِّر عن رغباتنا المكبوتة، إلى أفكار يتبنَّاها علماء نفس آخرون يؤمنون بأن الأحلام ليست سوى مشاعر عشوائية ومُبهَمة في الأساس وليس لها تفسير واضح.

لحل هذه الإشكالية ظهر ما يُسمَّى “نكست-أب” (NEXTUP)، وهو نموذج استكشافي لفهم الاحتمالات الموجودة في الأحلام. يصف هذا النموذج الحلم بأنه شكل خاص من أشكال معالجة الذاكرة، بمعنى أن الأحلام تُتيح لنا اكتشاف الروابط المبهمة أو الغامضة بين الذكريات التي سبق وتشكَّلت في عقولنا، وليست مجرد محتوى عشوائي لا تفسير له.

على الرغم من أن الأحلام نادرا ما تُصوِّر مباشرة مخاوفنا التي نعاني منها في عالمنا الواقعي أو تُقدِّم حلولا ملموسة، فإنها بدلا من ذلك تُحدِّد الروابط التي تُجسِّد مخاوفنا بطريقة ما وتُعزِّزها فتصبح أوضح، وربما يُقدِّم العقل هذه الروابط باعتبارها مفيدة في مواجهة هذه المخاوف أو ما شابهها في وقتنا الحاضر أو في المستقبل. في هذا المقال، سنتعمَّق في الأسباب التي تكمن وراء أحلامنا، لكن دعونا أولا نُلقِ نظرة فاحصة على ماهية الأحلام التي يختبرها الناس عادة.

بماذا نحلم؟

تختلف أحلامنا اليومية المتنوِّعة عن بعضها بعضا كما هو الحال مع الأحداث التي نعايشها في عالمنا الواقعي، لكننا نكتشف أن ثمة أنماطا معينة وتفضيلات في حياتنا تظهر وتتضِح في أحلامنا. يُقِرُّ الغالبية العظمى من البالغين -تتراوح نسبتهم بين 85-90%- بأنهم يحلمون، لكن ما يتذكَّرونه فقط هو جزء بسيط مما يراودهم في أحلامهم. من السهل اختبار الأحلام في جميع مراحل النوم، ونحن ننغمس في أشكال مختلفة منها طوال ثلثي الليل على الأقل، بل ويرى بعض الباحثين أن أحلامنا قد تستمر طوال الليل.

إذا كنت من هؤلاء المحظوظين الذين ينعمون بنوم سريع وهادئ طوال الليل، فمن المُستبعَد أن تتذكَّر حتى 5% -أي نحو 20 دقيقة- من تلك الأحلام، والأكثر شيوعا هو صعوبة تذكُّر حتى الحلم الذي راودك قبل الاستيقاظ مباشرة. تتفق كل الأحلام تقريبا في أن لها هيكلا سرديا معينا، وتتضمَّن الشخص الذي يراوده الحلم بصفته مشاركا مهما ونشطا في الأحداث، ولكننا نادرا ما نكون وحدنا في أحلامنا، حيث تتضمَّن معظم الأحلام شخصين آخرين على الأقل. غالبا ما تكون نصف شخصيات أحلامنا مألوفة بالنسبة لنا -مثل الأقارب أو الأصدقاء أو الزملاء أو المعارف- بينما النصف الآخر شخصيات مجهولة، بمَن فيهم الغرباء والأشخاص الذين تكمن أهميتهم فقط في الدور الوظيفي الذي يؤدونه، مثل رجال الشرطة أو الأطباء أو المعلمين.

عندما ننظر إلى جنس الشخصيات الموجودة في أحلامنا نواجه اكتشافا غريبا، وهو أن أحلام النساء تحتوي على عدد متساوٍ من الشخصيات الرجالية والنسائية، بينما تتضمَّن أحلام الرجال ضِعْف عدد الشخصيات الذكورية مقارنة بالنساء. ما زال الباحثون يناقشون سبب وجود هذا الاختلاف، لكنه مع ذلك وُثِّق في العديد من الدراسات بمختلف الثقافات، حتى في أحلام الفتيات والفتيان الصغار. علاوة على ذلك، نجد أن الاعتداء الجسدي أكثر شيوعا في أحلام الرجال، أما النساء فهن أكثر عرضة ليصبحن ضحايا في أحلامهن.

على مستوى الأحداث، عادة ما يواجه الحالم أو أي شخصية أخرى في الحلم نوعا من المشكلات، يمكن لهذه المشكلات أن تتراوح من صعوبات بسيطة نسبيا -مثل التخطيط لمسار عمل، أو محاولة لفهم موقف ما، أو العثور على شيء مفقود- إلى مخاطر جسدية أو نفسية خطيرة مثل الشعور بالضياع أو التوهان أو الوقوع فريسة للمرض أو مواجهة النزاعات الشخصية أو التعامل مع المخاطر البيئية. تستغرق المصائب -أي الحوادث المؤسفة التي لا تستطيع الشخصية تجنُّبها- نحو ثلث الأحلام، ويُعَدُّ هذا المعدل للأسف أعلى بسبع مرات من معدل الأحداث الجيدة في الأحلام. ومع ذلك، فإننا ننجح في التعامل مع الصعوبات في الأحلام بقدر ما نفشل.

هل أنا وحدي مَن يحلم بالسقوط من أعلى؟
إذا ذكر الكثير من الناس أنهم اختبروا بعض الأحلام أكثر مرة واحدة، فعادة ما تُعرَف هذه الأحلام بالنمطية أو الاعتيادية أو الشائعة. وقد ظل الناس يُقدِّمون تفسيرات لأحلام المطاردة أو السقوط أو فقدان الأسنان لآلاف السنين (وفقا لقاموس تفسير الأحلام الذي كتبه دوق تشو في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، فإن راودك حلم بتساقط أسنانك فهذا يعني أن والديك ربما يعانيان من سوء حظ). الأمر المفاجِئ إلى حدٍّ ما كان عدم ظهور أي دراسة علمية تُفسِّر هذه الأحلام الشائعة حتى عام ‏1958‏، إلى أن حقَّق الباحثون أخيرا في الأسباب التي أدَّت إلى انتشار أو شيوع 34 حلما نمطيا (شائعا) بين الطلاب اليابانيين والأميركيين.

على الرغم من وجود بعض الاختلافات بين الثقافات، فإن أوجه التشابه ما زالت مذهلة وتسترعي الانتباه. اختبرت كلتا المجموعتين -اليابانية والأميركية- أحلاما يتعرَّضون فيها للهجوم أو المطاردة أو السقوط من أعلى أو المحاولة مرارا وتكرارا للنجاح في شيء ما يتعلق بالمدرسة أو المعلمين أو الدراسة، وهناك التجارب الجنسية أيضا التي استحوذت على نصيب في أحلامهم.

مرَّت أربعون عاما قبل أن يتابع الباحث الأميركي أنطونيو زادرا وزميله الباحث الكندي في مجال الأحلام توري نيلسن هذه الدراسة، وكانت النتيجة مرة أخرى هي تشابه هذه الأحلام الشائعة بين الطلاب من عام إلى آخر، وكذلك بين مُختلف الأماكن، أما النتيجة الأخرى الأكثر إثارة للدهشة هي مدى تكرار الموضوعات التي تتضمَّنها هذه الأحلام النمطية على مدى عقود. احتلَّت الأحلام الأربعة الأكثر شيوعا في دراسة أُجريت عام 1958 مكانة بين الأحلام الخمسة الأوائل التي أبلغ عنها الطلاب الكنديون في أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين. كشفت دراسات لاحقة أُجريت في ألمانيا وهونغ كونغ عن أوجه تشابه ملحوظ بين الأحلام التي اختبرها معظم السكان.

كانت إحدى الملاحظات المثيرة للانتباه هي عدم وجود حلم واحد نمطي (متكرر) يُبلِّغ عنه الجميع، وإنما يُبلِّغ الكل عادة عن أربعة من أصل 15 حلما تتجاوز نسبة شيوعهم بين الناس 70%. إن التعرُّض للمطاردة في الأحلام، أو التجارب الجنسية، أو القلق إزاء المدرسة، والمعلمين، والدراسة، أو السقوط من أعلى، هي أكثر الأحلام شيوعا التي يختبرها كلٌّ من الرجال والنساء، على الرغم من أن الدراسات تُظهِر أيضا اختلافات بين الجنسين.

تعكس هذه الأرقام في الجدول المرفق معدل انتشار تلك الأحلام، كما تعكس النسبة المئوية لأولئك الذين اختبروا هذه الأحلام مرة واحدة على الأقل في حياتهم، لكنها في الوقت نفسه لا تُفصِح عن عدد الأحلام التي راودت الناس. عندما قيَّم الباحث الأميركي أنطونيو المحتوى الموضوعي لـ 3000 حلم اختارهم عشوائيا من أحلام 450 فردا، اكتشف أن هناك خمسة أحلام فقط تأخذ الشكل النمطي أو المتكرر بينهم، وهي: السقوط من أعلى، والطيران، ورؤية شخص ميت على أنه حي، وارتداء ملابس غير لائقة، وعدم القدرة على العثور على مرحاض أو استخدامه.

لماذا نحلم؟
حسنا، مهما كانت وظيفة الأحلام، فلا يمكنها أن تعتمد فقط على تذكُّرنا إياها بمجرد أن نستيقظ، لأنه كما ذكرنا سابقا، يتذكَّر الناس جزءا صغيرا فقط من أحلامهم، حتى وإن تذكَّروها، فإنها ستزول سريعا من ذاكرتهم إن لم يُدوِّنوها، وسرعان ما تتلاشى تفاصيلها خلال انشغالنا في أحداثنا اليومية. لكن سواء تذكَّرنا أحلامنا أم لم نتذكَّرها فإن لها وظيفة ما، وهنا من المهم أن نُميِّز بين الطرق التي نختارها لفهم فوائد ودلالات الأحلام، سواء كانت النضج أو السعادة مثلا، وبين الوظيفة البيولوجية أو التكيفية لجميع أحلامنا، بما في ذلك تلك التي لا نتذكَّرها.

عالِم النفس السويسري كارل يونغ (يمينا) وسيغموند فرويد
على مدى آلاف السنين، طُرِحت مئات الأفكار لشرح طبيعة الأحلام ووظيفتها، ولعل أشهرها هي نظريات فرويد الذي رأى أن الأحلام تسمح بالتعبير الجزئي عن الرغبات المكبوتة (ذات الطبيعة الجنسية أو العدوانية في بعض الأحيان)، وعالِم النفس السويسري كارل يونغ، الذي اقترح أن الأحلام تلعب دورا حيويا في تطوير الشخصية.

ولأن عقودا من البحث لم تجد سوى القليل من الدعم التجريبي تجاه نموذج أحلام فرويد، أو لعلها لم تجد أي دعم على الإطلاق، فقد تخلَّت الغالبية العظمى من العلماء الباحثين في مجال النوم والأحلام منذ فترة طويلة عن المفاهيم الفرويدية. في المقابل، وجدت بعض الأفكار التي اقترحها كارل يونغ حول الأحلام صدى من النماذج المعاصرة للحلم، لأن هذه النماذج كانت مدفوعة إلى حدٍّ كبير بالاكتشافات الجديدة وطرق التفكير في طبيعة العقل البشري ووظيفة الدماغ.

لكن ماذا لو لم تكن الأحلام أكثر من مجرد نتاج ثانوي لا معنى له يحدث أثناء النوم؟ بجانب نظريات الأحلام لفرويد ويونغ، فإن فرضية التنشيط والتوليف (Activation-synthesis hypothesis)، التي اقترحها الطبيبان النفسيان آلان هوبسون وروبرت مكارلي من كلية الطب بجامعة هارفارد، كانت على الأرجح النظرية الأكثر شهرة المرتبطة بالأحلام. في مقالتين نُشرتا عام 1977، قدَّم كلٌّ من هوبسون وماكارلي نموذجا للحلم يعتمد على البيولوجيا العصبية لنوم حركة العين السريعة “REM” (مرحلة من مراحل النوم تبدأ بعد تسعين دقيقة من بداية النوم، ومن التغيرات التي تطرأ على الجسم في هذه المرحلة هي تسارع نبضات القلب، وزيادة سرعة التنفس وبدء مرحلة الأحلام العميقة).

باختصار، تنص فرضية التنشيط والتوليف على أن الأحلام تنشأ بسبب إطلاق “عشوائي” للسيالات أو الإشارات العصبية من الخلايا العصبية العملاقة في التكوين الشبكي (PRF) لجذع الدماغ (التكوين الشبكي عبارة عن شبكة واسعة من الخلايا العصبية تمتد من جذع الدماغ إلى المهاد). يلعب التكوين الشبكي دورا في تنظيم نوم حركة العين السريعة، ويرى هوبسون وماكارلي أن إطلاق هذه الخلايا العصبية العملاقة للإشارات العصبية عشوائيا يُحفِّز القشرة البصرية (هي منطقة القشرة الدماغية التي تعالج المعلومات المرئية)، في الوقت نفسه الذي تبدأ فيه حركات العين السريعة التي تتميز بها هذه المرحلة من النوم.

وفقا لهذه الفرضية، يستجيب الدماغ الأمامي الذي يُشكِّل الجزء الأبرز من الدماغ البشري لهذا التحفيز في محاولة تكوين قصة تشرح هذه الأحاسيس البصرية. وفقا لهوبسون، فإن الحلم هو نتيجة قيام الدماغ الأمامي بتحقيق أفضل ما يمكن توليفه لإنتاج صور أحلام متماسكة جزئيا من الإشارات العشوائية المُرسَلة إليه من جذع الدماغ.

لكن هذا التفسير يضعنا بين خيارين أحلاهما مُر، فإما أن نُصدِّق أن الأحلام ذات طبيعة عشوائية لا معنى لها، وإما أن نميل إلى الاعتقاد السائد أن أحلامنا تحمل رسائل إلهية أو تنبع من عقلنا اللا وعي، وهذا الاتجاه الأخير بدأ يكتسب زخما في السنوات الأخيرة، ويُرجِّح وجود وظائف معرفية وعاطفية لأحلامنا.

هل الأحلام تحاكي مخاوفنا أم تُنظم عواطفنا؟

إحدى أكثر الأفكار وضوحا لتفسير السبب الذي يجعلنا نحلم هو أن الأحلام تساعدنا على إيجاد حلول لمشكلاتنا الشخصية، وكثيرا ما يُشير مؤيدو هذه الفكرة إلى الاكتشافات الشهيرة التي تحقَّقت وكانت مجرد أحلام راودت بعض الناس، منهم اختراع إلياس هاو لآلة الخياطة، واكتشاف الكيميائي الألماني أوغست كيكولي الشكل الدائري لجزيء البنزين، أو كتابة بول مكارتني أغنية “يسترداي” (yesterday) (إحدى أشهر أغاني فرقة البيتلز البريطانية وحقَّقت صدى عالميا عام 1965).

لكن بغض النظر عن هذه الاكتشافات والإنجازات العظيمة، أظهرت الدراسات مرارا وتكرارا أن الأحلام نادرا ما تحتوي على حلول عملية لمشكلات الحياة الواقعية. المشكلة أن الناس أحيانا يتخذون قرارا أو يمشون بالسيارة في خط سير آخر للعمل أو يعيدون النظر في خطة سابقة معتمدين في ذلك على حلم راودهم، لكن الحل الفعلي للمشكلات داخل الأحلام نادرا ما يكون سببا لحلها في العالم الواقعي، لذلك لا يمكن أن تكون الأحلام تطوَّرت باعتبارها طريقة لحل المشكلات، بهذه الطريقة فإن تلك ستكون فقط وظيفة الأحلام التي نتذكَّرها، وهي نسبة قليلة من أحلامنا كما سبق أن أشرنا.

في عام 2000، رأى الفيلسوف وعالِم الأعصاب الفنلندي آنتي ريفونسو أن الأحلام تطوَّرت باعتبارها آلية لمحاكاة الأحداث التي تُمثِّل لنا تهديدا في الواقع، والتمرُّن على الاستجابات الناجحة لمواجهة هذه الأخطار والتغلُّب عليها. عموما، يمكننا ملاحظة أن الدعم التجريبي لنظرية محاكاة التهديد كان مختلطا، فعلى الرغم من حقيقة أن الكثير من الأحلام تحتوي على أحداث تُمثِّل لنا تهديدا، فإن الأحداث الواقعية التي تُهدِّد الحياة نادرا ما تحدث في الأحلام.

ما يُثير الانتباه أن نسبة صغيرة فقط من هذه الأحلام تحتوي على استجابات فعالة لتجنُّب هذه التهديدات. في عام 2016، اقترح ريفونسو وزملاؤه نظرية بديلة تنص على أن وظيفة الحلم هي محاكاة وتعزيز “المهارات الاجتماعية والروابط والتفاعلات التي ننخرط فيها وقت يقظتنا”، لكن من السابق لأوانه معرفة مدى نجاح هذه النظرية.

على النقيض في العقد الماضي، تفجَّرت العديد من الدراسات البيولوجية العصبية التي تدعم فكرة أن النوم -وبالأخص نوم حركة العين السريعة- يلعب دورا رئيسيا في المعالجة العاطفية (أي التعامل مع عواطفنا)، لكن هذه الدراسات لم توضِّح الدور الذي يساهم به الحلم في هذه المعالجة، ومع ذلك، فإن العديد من النظريات التي أُجريت على مدار الأربعين عاما الماضية وتهتم بالوظيفة التي يُقدِّمها الحلم توصَّلت إلى أن الأحلام تشارك في التنظيم العاطفي.

تُفيد إحدى النظريات بأن الحلم يلعب دورا في إخماد العواطف، بمعنى أنه يُهدِّئ من الاندفاعات العاطفية (المشاعر المؤججة) أو ينظم الحالة المزاجية للشخص الذي يحلم عبر فترات متتالية من نوم حركة العين السريعة. وفقا لهذه النظرية، فإن نجاح الدور الذي تلعبه الأحلام في تعديل وتنظيم العواطف ليلا يؤدي إلى تحسُّن في مزاج الحالم قبل النوم وبعده، أو دعنا نَقُل كما اعتادت والدة بوب ستيكغولد، أستاذ الطب النفسي بجامعة هارفارد، ومؤلف هذه النظرية أن تقول: “ستتحسَّن الأمور بمجرد أن يحل الصباح من جديد”.

لعل أشهر نظرية إكلينيكية حديثة متعلقة بمجال الأحلام هي نظرية طبيب النفس الألماني والأستاذ في جامعة تافتس بالولايات المتحدة إرنست هارتمان، إذ يرى أن الحلم هو شكل من أشكال “العلاج النفسي الليلي” الذي يساعد على دمج المخاوف العاطفية وكذلك الأحداث المؤلمة الصادمة في أنظمة الذاكرة، بحيث يُضمن النوم بسلاسة. وفقا لهذه النظرية، فإن الأحلام تنجح في إنجاز هذه الوظيفة عن طريق إنشاء روابط بين الذكريات الجديدة والقديمة، وهي روابط تكون ضعيفة بالأساس، لكنها أوسع نطاقا وأكثر مرونة من التي تُنسَج وقت اليقظة.

قد نتساءل ماذا لو كانت كلٌّ من هذه النظريات صحيحة لكن جزئيا؟ هل يعني ذلك أنه يمكن للأحلام أن تساعدنا في حل المشكلات في بعض الأوقات، وتوفر بيئة فريدة نتدرَّب خلالها على التفاعلات الاجتماعية، ونتعلَّم فيها كيفية تجنُّب حالات التهديد في المواقف الخطرة أو التعامل مع المشاعر ومعالجتها، في أوقات أخرى؟ ربما تكون الإجابة عن هذا السؤال هي نعم، لكن من الضروري في هذا السياق أن نعرف أن أحد أكثر الجوانب أهمية للحلم، بجانب ما سبق، هي معالجة الذكريات.

بعد أن انضمَّت الدكتورة إيرين وامسلي، الحاصلة على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب الإدراكي، إلى مختبر أستاذ الطب النفسي بجامعة هارفارد بوب ستيكغولد عام 2007، اكتشفت مع فريقها البحثي أن النوم يدعم تطور الذاكرة البشرية، عن طريق معالجة ذكريات جديدة من اليوم السابق، لكنهم لم يكتشفوا بعد ما إذا كان الحلم يساهم في هذه العملية أم لا.

أجرت إيرين دراسة خضع فيها المشاركون لاختبار تضمَّن متاهة افتراضية، وعليهم أن يحاولوا استكشاف هذه المتاهة والخروج منها، ثم سمحت لهم بأخذ قيلولة مدتها 90 دقيقة. بعد استيقاظهم، سألتهم إن كانوا يتذكَّرون أي حلم راودهم بشأن هذه المتاهة، ثم اختبرت قدرتهم على الخروج منها مرة أخرى، وكانت النتائج مذهلة.

استغرق المشاركون الذين لم يتذكَّروا أي أحلام متعلقة بالمتاهة، في المتوسط، وقتا أطول بنحو دقيقة ونصف ليجدوا طريقهم للخروج من المتاهة بعد غفوتهم، في حين استطاع أولئك الذين حلموا بالمتاهة الخروج منها بمعدل أسرع بدقيقتين ونصف من المرة الأولى. عندما كرَّرت إيرين التجربة، توصَّلت إلى أن المجموعة الأخيرة (التي أبلغت عن أحلام مرتبطة بالمتاهة) أظهرت تحسُّنا أكبر بنحو 10 مرات بعد القيلولة مقارنة بالمشاركين الذين لم يبلغوا عن أحلام ذات صلة.

حسنا، ما الذي حلموا به بالضبط؟ أفاد أحد المشاركين قائلا: “كنت أفكر في المتاهة ووجود أشخاص عند نقاط التفتيش (مراكز المراقبة)، خمَّنت أنه لا يوجد أشخاص أو نقاط تفتيش في المتاهة الفعلية، ودفعني ذلك إلى التفكير في الرحلة التي ذهبنا فيها لرؤية كهوف الخفافيش منذ بضع سنوات، وكانت نوعا ما تشبه هذه المتاهة”، بينما أشار آخر إلى أنه سمع في الحلم الموسيقى نفسها التي كانت موجودة في الخلفية أثناء استكشافهم المتاهة.

من المفترض أن مثل هذه الأحلام لا تساعد المشاركين في تعزيز ذكرياتهم لاكتشاف المتاهة، لأنها لم تحوِ جديدا عنها، ومع ذلك فقد تحسَّنت قدرات المشاركين الذين اختبروا أحلام المتاهة. يعني ذلك أن الدماغ النائم قد حسَّن من ذاكرته إزاء تخطيط المتاهة وخلق أحلاما ذات صلة، لكن عن طريق غير مباشر مثلا، لكن ما هذا الطريق يا تُرى؟

كيف تعمل أدمغتنا وقت النوم؟
يخلق الدماغ أثناء نومنا أشكالا متعددة من تطور الذاكرة، إذ يساعد على ترسيخ بعض الذكريات، ثم يدمج الذكريات الجديدة في شبكات معرفية أقدم. لحُسن حظنا، فإن الدماغ بإمكانه أن يُنتج أشكالا متعددة من معالجة الذاكرة في الوقت ذاته. على سبيل المثال، بعد أن نام المشاركون في التجربة التي أجرتها إيرين وامسلي، من المفترض أن الحُصين (الذي يقع تحت القشرة المخية، وهو مُكوِّن رئيسي لأدمغة البشر، وضروري جدا في تشكيل ذكريات جديدة) أعاد تنشيط ذكرياته المتعلقة بالمسارات التي سلكوها في المتاهة، لكن في الوقت نفسه، منحت هذه النتيجة بقية أجزاء الدماغ الحرية في التعامل مع جوانب أخرى من هذه الذكريات، مثل كيفية حفظها.

وهذا ليس بالأمر الهين، لأن أدمغتنا تُخزِّن كميات هائلة من المعلومات في مجموعة بالغة التعقيد من الشبكات العصبية المتشابكة. ترتبط الذكريات ذات الصلة ببعضها بحيث يؤدي تنشيط أي قطعة من الذاكرة في الشبكة العصبية إلى تنشيط قطعة عصبية أخرى في شبكة أخرى تلقائيا، بعبارة أخرى، عندما يُدخِل دماغك قطعة جديدة من المعلومات أو الذكريات، فإنه سيربطها مع ذكريات أخرى مشابهة في شبكات عصبية موجودة سلفا.

لذلك ربما ستساعدك بعض الإستراتيجيات التي تعلَّمتها أثناء استكشاف الكهف في الخروج من المتاهة المرة القادمة، أو العكس، قد يساعدك شيء تعلَّمته أثناء اكتشاف المتاهة للخروج من الكهف. يدرك دماغك فجأة أن استكشاف المتاهات والكهوف هما في الحقيقة شيء واحد، وهذا مثال ممتاز ينطبق على وظيفة الحلم التي ناقشناها سابقا، وهي استخراج معرفة أو خبرات جديدة من المعلومات الموجودة سابقا عن طريق اكتشاف روابط غير متوقَّعة بين الشبكات.

يخبرنا النموذج الاستكشافي الذي ذكرناه سابقا “NEXTUP”، المتعلق بفهم الاحتمالات الموجودة في الأحلام، بأن الحلم يتضمَّن اكتشاف الروابط الضعيفة بين الذكريات التي لم تُستكشف سابقا. أثناء الحلم، يبدأ الدماغ عمله بذاكرة جديدة مشفرة من ذكريات يوم ما -مثل حدث ما أو نقاش وقع أثناء العمل- ثم يبحث الدماغ عن ذكريات أخرى ذات صلة ضعيفة بهذا اليوم، قد تكون هذه الذكريات من اليوم ذاته، أو ربما ذكريات قديمة من الماضي، وبعد ذلك يدمج جميع هذه الذكريات لخلق قصة تظهر في الحلم.

عند تسليط الضوء على هذه العملية، يبدو أن فائدة هذه الروابط غير مفهومة، لكن لا بأس في ذلك، لأننا لا نحتاج إلى فهم سبب اختيار عقولنا لهذه الروابط، ولسنا بحاجة حتى إلى تذكُّر الحلم، فقد أنجز عقلنا جميع الأعمال المهمة أثناء نومنا، مثل اكتشاف هذه الروابط وتقييمها بينما كنا نحلم، وبمجرد أن تتيقَّن عقولنا من أن بعض هذه الروابط كانت بالفعل جديدة ومبدعة في خلق أحلام ذات منفعة لنا، سرعان ما تُعزِّز هذه الروابط وتُخزِّنها في مكان بعيد لاستخدامها لاحقا. من هذا المنظور، فإن الأحلام الغريبة التي تراودنا هي ببساطة نتيجة متوقَّعة لروابط غير متوقَّعة اندمجت لسبب ما في سردية الحلم.

عندما تولَّى أستاذ الطب النفسي روبرت ستيكغولد أول منصب له في هيئة التدريس في المركز الطبي بجامعة ماساتشوستس الأميركية، أُسنِدت إليه مهمة غير سارَّة تتمثَّل في مساعدة الطلاب بشرح محاضرة في مكان يُسمى مختبر الكلاب. كان هذا المختبر المهجور منذ فترة طويلة بمنزلة مُقدِّمة لطلاب الطب عما يُمثِّله الموت، وإن كان ذلك تحت ستار أن هذه المحاضرة هي دراسة معملية لاكتشاف وظيفة القلب والأوعية الدموية.

عندما وصل الطلاب، وجدوا أمامهم كلابا مُخدَّرة ودليلا معمليا يصف كيفية إدخال القسطرة في الأوردة، وقياس ضغط الدم في الوريد، والمزيد من هذه الأشياء، وقبل انتهاء وقت المختبر، كانوا قد قطَّعوا جلود وعضلات صدور الكلاب، واستعانوا بمنشار لشق القفص الصدري، واستخدموا الأدوية مباشرة على القلب لضخ الدم. في الليلة الأولى التي قام فيها ستيكغولد بذلك، راوده حلم أعلن عنه قائلا: “عدت لمختبر الكلاب مرة أخرى، وشققنا للتو صدر الكلب، لكن كانت المفاجأة شديدة عندما نظرت إلى الأسفل وأدركت فجأة أن ما شققنا صدره لم يكن كلبا، وإنما ابنتي جيسي البالغة من العمر خمس سنوات. وقفت هناك مصعوقا، ولم أفهم كيف أمكننا ارتكاب مثل هذا الخطأ! وبينما أقف مشدوها من أثر الصدمة، عاد التئام هذا الشق من جديد دون ترك أي أثر لندبة”.

استيقظ عالِم النفس من الحلم، وأخبر زوجته بما راوده، فرأت الأخيرة أن مختبر الكلاب أثار مخاوفه من الموت، وتمثَّلت أكبر مخاوفه في فقدان ابنته، لكنه اختلف مع زوجته في هذا التفسير، فلم يكن هذا ما شعر به، وبدا أن هدف الحلم هو طرح هذا السؤال: “إذا كان من الممكن أن نفعل هذا بالكلاب، فلماذا من غير المقبول أن نفعله كذلك مع جيسي؟”، وكما نرى فإن كلا التفسيرين منطقي.

يُعَدُّ هذا مثالا حيًّا لما يمكن أن تفعله الأحلام بنا. فحينما كان روبرت نائما، اختار دماغه حدثا عاطفيا من يومه وأعاد صياغته بطريقة غريبة للغاية وغير واردة أبدا، ومن الواضح أن هذا الحلم لم يراوده من أجل تحسين قدرته على إجراء الجراحة، وإنما على العكس، فبينما كان يحلم، بحث دماغه في شبكات ذاكرته عن روابط ضعيفة وربما مفيدة (لجعله يُعيد النظر فيما فعله سابقا)، هذه الروابط أوضحت عدة احتمالات؛ منها أن الكلب وجيسي كانا صغيرين وعاجزين، أو شعوره بالمسؤولية تجاههما، أو ربما عدم رغبته في أن يموت أيٌّ منهما، أو أنه يحب كليهما، وقد تكون جميع الاحتمالات السابقة.

ساعدت الروابط المتشابكة على استدعاء صورة جيسي في الحلم. لو تساءل الدماغ لماذا يحدث ذلك (أي تشريح الكلاب)، فلن يجد إجابة ولا حلا للمشكلة، لذا فهو يستبدل هذا السؤال بـ “ماذا لو؟”، ثم يراقب استجابته العاطفية والمعرفية، ويلاحظ بتمهُّل كيف أثَّرت هذه الاستجابة على رواية الحلم. تخبر هذه الاستجابة الدماغ بما يحتاج إلى معرفته، وفي حالتنا تلك فإن العلاقة الناشئة التي خلقها الحلم بين جيسي ومختبر الكلاب جاءت لتخبرنا عن مدى هشاشة الحياة، وكذلك عن مدى قداستها وضرورة المحافظة عليها مستقبلا.

بمجرد تعزيز هذه الروابط وإيضاح الأفكار تنتهي مهمة الدماغ، أما إذا كان المرء يتذكَّر الحلم بعد استيقاظه أم لا، فهذا لا يهم حقا. ليست كل الأحلام مباشرة بالطبع ولا بهذا الوضوح، فغالبا ما يكون تحديد الروابط بين محتوى أحلامنا (أو على الأقل ما يمكن تذكُّره) وما حدث في ذلك اليوم أو في أي وقت في الماضي أمرا صعبا ومُتعذِّرا.

قبل بضع سنوات، أعلن أحد أساتذة الجامعة أنه كان يُلقي محاضرة لمجموعة من الطلاب عندما جعله شيء ما في قاعة المحاضرة يشعر بأنه داخل حلم، فأغمض عينيه (في الحلم) وتخيَّل نفسه واقفا على شاطئ رملي واسع مع أمواج المحيط التي تصطدم بالشاطئ، عندما فتح عينيه، وجد نفسه على الشاطئ بالفعل، لكن الغريب حقا كان وجود طيور البطريق أيضا إلى جانبه، الآلاف منها في كل مكان يتأرجحون أمامه ويظهرون كتلة ملونة بالأسود والأبيض. استيقظ أستاذ الجامعة وهو في حيرة من أمره، حاول قدر استطاعته أن يجد أي علاقة أو صلة تربط بين هذه الطيور وحياته الحالية، لكنه لم يتمكَّن من ذلك.

بعد عدة أيام، بينما كان يستقل سيارة أحد أصدقائه، لفتت انتباهه لوحة إعلانات مرفقة بصورة شاطئين بجوار بعضهما. على اليسار، كان الشاطئ يضم ناسا يستمتعون بالرمال والماء، أما صورة الشاطئ على اليمين فكانت مليئة بطيور البطريق! ما حدث هو أن هذا الشخص مرَّ من الطريق نفسه مؤخرا، فسجَّل دماغه على الأرجح الصورة في عقله اللا واعي دون أن يلاحظها. لذلك، عندما أصبح واعيا في حلمه وحاول أن يتخيَّل شاطئا مثاليا، بحث دماغه في شبكات الذاكرة عن روابط ضعيفة وربما مفيدة تساعده على تخيُّل صورة الشاطئ.

عندما نحلم، يبدأ عقلنا في البحث عن روابط جديدة وضعيفة في أي مكان في الذاكرة، بما في ذلك الأحداث التي مرَّ بها الناس ولم ينتبهوا إليها كثيرا، أو لم يلاحظوها على الإطلاق. هذا يُفسِّر أحد الأسباب التي تجعل ربط أحلامنا بأحداث الحياة أكثر صعوبة مما نتخيَّل. من المهم أيضا أن تضع في اعتبارك أن محتوى الأحلام يُضفي أحيانا طابعا دراميا على مخاوفنا وأحداث الحياة الأخرى ذات المعنى دون إظهار أي صورة لهذه المخاوف في الحلم، بمعنى أن الشعور بالإرهاق قد يأخذ شكل موجة عملاقة في الحلم، كما أن الخوف من كونك قد لا ترقى لمستوى العمل أو تُلبِّي التوقعات المطلوبة قد يظهر على هيئة امتحان في الحلم، وربما تتفاجأ أن إظهار درجة كبيرة من المرونة أو الإبداع في مواجهة مشكلة ما ربما يؤدي إلى حلم ممتع تكتشف خلاله غرفة جديدة في منزل طفولتك على سبيل المثال.

يستخدم البشر -سواء في الأفلام أو الكتب أو في أي شكل من أشكال السرد- التجسيد الدرامي مع حبكاته المجازية والاستعارات لوصف الأحداث العاطفية والمخاوف التي نواجهها في حياتنا، طريقة عمل أدمغتنا أثناء الحلم لا تختلف كثيرا عن طريقة عملها عند ذهابنا إلى المسرح، حيث نتخيَّل ونستكشف الاحتمالات الواردة في الرواية على أمل اكتساب فهم جديد لأنفسنا وللعالم.

مثلما تتضمَّن الأفلام والمسرحيات عادة موضوعات ورسائل ذات أهمية إنسانية عالمية ومهمة بالنسبة للجميع، فإن أحلامنا غالبا ما تتمحور حول موضوعات مشتركة؛ مثل الشعور بأنك مطارد، أو التأخير على مواعيدك، أو عدم الاستعداد للامتحان، أو ربما تجد نفسك تُحلِّق في الهواء، أو تقع فريسة للمرض، أو الموت، أو تكتشف شيئا مدهشا وعجيبا. وتماما مثل تفضيلاتنا للأفلام، فإن أنواع القصص التي يختارها المخ أثناء الحلم تعتمد أيضا على الموضوعات التي نرتبط بها بشدة. في النهاية، علينا معرفة أن أحلامنا تتمتع بمستوى عالمي وفريد، كما أنها تساعدنا على استكشاف العديد من العوالم التي قد تكون موجودة بالفعل ولا نعلم شيئا عنها.

________________________________________

ترجمة: سمية زاهر

هذا التقرير مترجم عن Psychology Today ولا يعبر بالضرورة عن موقع ميدان.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والاحتلال يرتكب 4 مجازر في القطاع

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي شن غاراتها الجوية على مناطق متفرقة من قطاع غزة بينها مدينة رفح جنوبي القطاع، رغم تحذيرات دولية من خطورة شن عملية عسكرية على المدينة المكتظة بالنازحين، في حين تنتشر أمراض الجهاز التنفسي بينهم.