السعادة في الهداية

‌‌‌‌‌‌‏يقول الله ﷻ :

{منِ اهتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِه}

لأن الحق سبحانه لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، وهو سبحانه الغنيّ عن عباده، وبصفات كماله وضع منهج الهداية للإنسان الذي جعله خليفة له في أرضه، وقبل أنْ يخلقه أعدَّ له مُقوّمات الحياة كلها من أرض وسماء، وشمس وقمر، وهواء وجبال ومياه.

فصفات الكمال ثابتة له سبحانه قبل أن يخلق الخَلْق، إذن: فطاعتهم لن تزيده سبحانه شيئاً، كما أن معصيتهم لن تضره سبحانه في شيء.

وهنا قد يسأل سائل: فلماذا التكليفات إذن؟

نقول: إن التكليف من الله لعباده من أجلهم وفي صالحهم، لكي تستمر حركة حياتهم، وتتساند ولا تتعاند؛ لذلك جعل لنا الخالق سبحانه منهجاً نسير عليه، وهو منهج واجب التنفيذ لأنه من الله، من الخالق الذي يعلم من خلق، ويعلم ما يصلحهم ويُنظم حياتهم، فلو كان منهج بشر لبشر لكان لك أنْ تتأبّى عليه، أما منهج الله فلا ينبغي الخروج عليه.

لذلك نسمع في الأمثال الدارجة عند أهل الريف يقولون: الأصبع الذي يقطعه الشرع لا ينزف، والمعنى أن الشرع هو الذي أمر بذلك، فلا اعتراض عليه، ولو كان هذا بأمر البشر لقامت الدنيا ولم تقعُدْ.

ومن كماله سبحانه وغِنَاهُ عن الخَلْق يتحمل عنهم ما يصدر عنهم من أحكام أو تجنٍّ أو تقصير؛ ذلك لأن كل شيء عنده بمقدار، ولا يُقضى أمر في الأرض حتى يُقضى في السماء، فإذا كلَّفْتَ واحداً بقضاء مصلحة لك، فقصّر في قضائها، أو رفض، أو سعى فيها ولم يُوفّق نجدك غاضباً عليه حانقاً.

وهنا يتحمّل الخالق سبحانه عن عباده، ويُعفيهم من هذا الحرج، ويعلمهم أن الحاجات بميعاد وبقضاء عنده سبحانه، فلا تلوموا الناس، فلكل شيء ميلاد، ولا داعيَ لأنْ نسبق الأحداث، ولننتظر الفرج وقضاء الحوائج من الله تعالى.

أنت وحدك ستقطف ثمار عملك. كلما تعبت في تربية نفسك وإصلاحها وتزكيتها كلما زادت سعادتك.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".