الجرعة تصل لألف دولار.. “حملة” تطعيم أخرى ضد فيروس كورونا على شبكة الويب المظلمة

روجت متاجر شبكة “الويب المظلمة” للقاح مزعوم لفيروس كورونا، وتضاعف عدد المحتالين لتلبية طلبات الأشخاص الأكثر ذعرا من الوباء.

وقال الكاتبان إيلي جوليان وداميان ليكاتا كاروسو في تقرير نشرته صحيفة “لوباريزيان” (Le Parisien) الفرنسية إن 10% من المنتجات المعروضة على أكبر 25 متجرا على شبكة الويب المظلمة (Dark Web) مرتبطة بفيروس كورونا.

ويبدو أن تأخر انطلاق حملة التطعيم في فرنسا أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة. ومثل بقية المنتجات المتعلقة بفيروس كورونا، بات لقاح كوفيد-19 يباع على الإنترنت المظلمة التي يستخدمها الملايين من الناس، والمعروفة ببيع الأسلحة والمخدرات.

مجرد خدعة
وأكد الكاتبان أنه من الواضح أن توفر لقاح كوفيد-19 على هذه الشبكة مجرد خدعة، في الوقت الذي لم تسجل فيه أي عملية سرقة للقاحات.

واكتشفت منظمة الشرطة الجنائية الدولية (إنتربول) هذه الظاهرة بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي، وحذرت الدول الأعضاء (194 دولة) من وجود نشاط إجرامي مرتبط بالتزوير والسرقة والترويج غير القانوني للقاحات كوفيد-19.

ونقل الكاتبان عن كزافييه دوروز المدير الفني لشركة “تشيك بوينت سوفتوير” (Check Point Software) المتخصصة في الأمن السيبراني؛ إنه في “نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وبعد الإعلان الأول عن موثوقية بعض الأمصال من قبل عمالقة الصناعة، لاحظنا ظهور ما يقارب ألف موقع جديد يبيع اللقاح على الإنترنت المظلم”.


متاجر إعادة بيع
يقول أنطوان فيوليت سوركوف المدير العام لشركة “أفيزا بارتنير” (Avisa Partners) المتخصصة في التزوير على الإنترنت؛ “رغم أن العروض ليست متنوعة مثلما هي الحال مع الأدوية الأخرى، فإن متاجر إعادة البيع أصبحت موجودة، وهي مواقع إلكترونية تروج لمجموعة من اللقاحات على أساس أنها لقاحات صينية أو روسية”.

أحد متاجر إعادة بيع اللقاحات على الإنترنت المظلمة يقدّم نفسه على أنه معهد أبحاث صيني جاهز لإرسال عينة منها إلى جميع أنحاء العالم. ويتعدى سعر هذه الجرعات 250 دولارا، ويمكن أن يصل إلى ألف دولار، مع العلم أن جميع المعاملات تتم باستخدام عملة بتكوين الرقمية.

وحسب المتخصص في التزوير، فإن “هؤلاء المحتالين يستغلون الحاجة المتزايدة والتصريحات المثيرة للخوف والقلق، وهم على اطلاع دائم بآخر المستجدات، مما يساعدهم على تقديم العروض وتلبية الطلب، ويبقى هدفهم الرئيسي تجميع أكبر قدر ممكن من البيانات عن الأشخاص الذين ينخدعون بسهولة”.
مراقبة العالم الموازي
تكونت مجموعة تضم نحو 200 شخص لمراقبة هذا العالم الموازي ودق ناقوس الخطر، وتفطنت هذه المجموعة إلى أنه يتم بيع دواء الكلوروكين وشهادات كاذبة لاختبارات تفاعل البوليمراز المتسلسل اللازمة للسفر، أو حتى أكياس الدم من مرضى كوفيد-19.

ويقول دوروز “نحن على علم بأن هناك عمليات شراء، حيث يتلقى الأشخاص رسائل عبر البريد الإلكتروني تؤكد توصيل اللقاح إلى المنزل. ولكن كم عدد الأشخاص الذين وقعوا في الفخ؟ تعتبر الولايات المتحدة أكثر تضررا من فرنسا؛ حيث يتم خداع المشترين في جميع الحالات، ولا شك أن الأشخاص الذين يتلقون الجرعات قد تعرضوا لعملية احتيال واضحة”.

نظرة على المستجدات
يقول شاب -يدعى تريستان، وهو مستخدم دوري لشبكة الويب المظلمة- “تعرض هنا أدوية لا يمكن الحصول عليها إلا بوصفة طبية، ولست مندهشا لوجود لقاحات مزيفة تستهدف المستهلكين الأغبياء فقط”.

وأفاد دوروز بأنه “من أجل تجنب الإطاحة بهم من قبل شرطة الويب، يترك بائعو الأوهام مواقعهم على الإنترنت المظلمة نشطة لمدة أسبوع فقط، وأحيانا ليوم واحد قبل إنشاء موقع آخر، وذلك حتى يصعب تتبع أثرهم”.

وحسب قانون العقوبات المعتمد في فرنسا، يترتب على “استخراج البيانات وحيازتها واستنساخها ونقلها بطريقة احتيالية” السجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، وغرامة قدرها 150 ألف يورو (184 دولارا أميركيا).

الدكتور جان جاك فراسلين: ينبغي أن تكون مجنونا لتشتري لقاحا يمكن تخزينه في درجة حرارة 80 درجة تحت الصفر (الألمانية)

تُقلق هذه الظاهرة المختصين في مجال الصحة. ويقول الدكتور جان جاك فراسلين “ينبغي أن تكون مجنونا لتشتري لقاحا يمكن تخزينه في درجة حرارة 80 درجة تحت الصفر، كما أن البريد في الوقت الحالي لا يقدم مثل هذه الخدمات، غير أن البعض مستعد لدفع مبالغ خيالية للحصول على اللقاح أولا”.

وحسب الدكتور فراسلين، فإنه لا توجد ضمانات تؤكد فاعلية اللقاحات المعروضة للبيع بسبب المراقبة المكثفة لكل ما يغادر المصانع. لكن في المستقبل، من المتوقع تسجيل عمليات تهريب لهذه الأدوية.

وفي الحقيقة، استخدام شبكة الويب المظلمة للترويج لبعض الأدوية الوهمية ينذر بتحول أنظار بائعي المخدرات المعتادين إلى اقتصاد جديد أكثر جاذبية، وهو اقتصاد الخوف من الوباء.

المصدر : لوباريزيان

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".