التايمز: المخابرات الإسرائيلية تكشف عن ملاحقتها شبكة حماس في ماليزيا وسبب قتل المهندس البطش

كشفت مصادر استخباراتية إسرائيلية معلومات جديدة عن اغتيال المهندس الفلسطيني فادي محمد البطش (34 عاما) في العاصمة الماليزية كوالامبور، عام 2018.

فمن بين الاغتيالات التي نفذها الموساد ضد قادة في الحركات الفلسطينية، تعتبر عملية اغتيال البطش استثنائية؛ لأنها بعيدة آلاف الأميال عن الشرق الأوسط. ولأن ماليزيا التي يشكل فيها المسلمون نسبة 60% من السكان، تحولت إلى قاعدة عمل لحماس.

وكشفت صحيفة “التايمز” أن البطش قُتل على يد مسلحيْن كانا على دراجة نارية، وأنه كان مهندسا غير معروف جرى استهدافه لكونه واجهة لحماس هناك.

ويقول مراسل الصحيفة في إسرائيل أنشيل بيفر، إن الوثائق الإسرائيلية تشير إلى أن البطش كان جزءا من شبكة جمع تبرعات وتدريب تابعة لحماس حول العالم ولديها حضور في بريطانيا.

ففي شباط/ فبراير، صنفت وزارة الدفاع الإسرائيلية المركز الثقافي الفلسطيني في ماليزيا على أنه منظمة إرهابية. وهذا التصنيف يعطي الحكومة الإسرائيلية المبرر القانوني لملاحقة أشخاص تشكّ بعلاقاتهم مع الإرهاب.

وكان المركز أول منظمة صنفتها إسرائيل إرهابية، واعتبرت واحدة من المنظمات التي تدعم حماس في جنوب – شرق آسيا. ومنذ التصنيف، وجهت تهمة واحدة للداعية وليد بن سالم ديب، من غزة والذي سافر مرارا إلى ماليزيا وألقى خطبا في المساجد الماليزية على مدى عقد، وكان يجمع التبرعات نيابة عن منظمة تعمل كواجهة لحماس في ماليزيا ويديرها فلسطيني اسمه مسلم عمران الذي يعيش في ماليزيا منذ 20 عاما.

وتقول الصحيفة إن المخابرات الإسرائيلية تتبعت عمليات تحويل أموال من ماليزيا خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تم تحويل 35 مليون دولار أمريكي إلى الحركة. وهي جزء من أموال حولت إليها. وتزعم المخابرات الإسرائيلية أن هذه المبالغ لتمويل نشاطات الحركة في غزة والضفة الغربية والجناح العسكري، عز الدين القسام. ويتم جمع الأموال من الماليزيين العاديين الذي يقال لهم إن التبرعات تذهب لفقراء غزة ودعم المسجد الأقصى.

وعادة ما يحمل الطلاب الفلسطينيون العائدون من ماليزيا معهم أموالا للحركة. وكان البطش طالبا يدرس هناك، حيث موّل المركز الثقافي الفلسطيني تعليمه وحمل معه أموالا منذ عام 2011.

ويعيش في ماليزيا اليوم حوالي 3 آلاف طالب فلسطيني، ويعمل الكثيرون منهم في منظمات وجمعيات تستخدمها حماس كواجهة لها. وبحسب وثائق الاستخبارات الإسرائيلية، فهؤلاء الطلاب لا ينشطون في جمع الأموال، ولكن في مجال البحث وتطوير أسلحة الحركة.

وكان البطش عنصرا في جماعة أخرى موالية لحماس. وعمل مع “مايكير” التي كانت تعرف سابقا بـ”الأقصى الشريف” وهي واحدة من سبع منظمات عاملة هناك.

وبعد اغتياله في 21 نيسان/ أبريل 2018، نفت “مايكير” أنه كان جزءا من الوحدة التكنولوجية في حماس “إدارة البناء”. وتركز الوحدة على تطوير طائرات مسيرة وصواريخ قادرة على تجنب النظام الدرع الصاروخي الإسرائيلي.

وقالت “مايكير” في عام 2017 إنها جمعت 40 مليون دولار ولديها “صفة استشارية مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي” التابع للأمم المتحدة.

لكن نشاطات حماس في ماليزيا أغضبت المجتمع الماليزي هناك. فقد اشتكى السفير الفلسطيني في كوالالمبور وليد أبو علي في مقابلة مع صحيفة “نيو ستريت تايمز” من أن الأموال التي جمعت للقضايا الفلسطينية “اختفت”. وبدون أن يذكر حماس قال: “تساهمون وتجمعون المال، ولكن هل سألتم أنفسكم إلى أين تذهب؟”.

ورغم الشكوى، إلّا أن الحركة تتمتع بدعم في ماليزيا بما في ذلك مسؤولين في الحكومة ومنهم رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد الذي حضر مناسبات نظمتها الجمعيات الفلسطينية هناك.

ويعتبر الدعم الحكومي مهما خاصة أن المصارف الماليزية التي تقوم بتحويل الأموال ربما وجدت نفسها أمام مشكلة بسبب تصنيف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حركة حماس كمنظمة إرهابية. وزار ممثلون عن الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق غزة، والتقوا مع قادة حماس ضمن حملة “ألف ميل من الابتسامات” وهي منظمة مرتبطة بحماس، مقرها لندن كما تقول الصحيفة. وخسرت حماس عددا كبيرا من قواعدها في الشرق الأوسط، نظرا لتردد الحكومات التي منحتها مرة الدعم بمواصلة دعم القضية الفلسطينية والتعاون معها. وحتى الدول التي تتعاون بشكل مفتوح مع الحركة مثل تركيا وإيران وقطر تقوم بالضغط عليها لخدمة مصالحها.

ولهذا وسّعت الحركة من نشاطاتها، حيث أصبحت بريطانيا وماليزيا مركز نشاطها، ففي بريطانيا هناك جمع التبرعات، أما ماليزيا فهناك البحث العلمي إلى جانب جمع التبرعات.

وقال مسؤول أمني إسرائيلي: “لو اعتقد البعض أن بُعد ماليزيا يمنعنا من ملاحقة نشاط حماس هناك، فهو مخطئ”. ورفض التعليق على نشاطات المخابرات الإسرائيلية ضد شبكة حماس.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".