الالحاح في الدعاء

الدعاء ليس مجرد عبادة لإشباع الروح، بل هو وسيلة لطلب الله لتغيير حالنا من حال إلى حال، مهما كانت الوضعية التي نعيشها حزن، افتقار الي شيء ما. فالدعاء يدفع البلاء، ويردّ القضاء، وُيستدفع به سوء القضاء، كما ثبت عنه – صلى اللَّه عليه وسلم – في “الصحيح” أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ : ” من سوء القضاء” فكم من مريض ، ليس بينه وبين العافية سوى أن يدعو الله بالشفاء ويلح في الدعاء.وكم من مبتلى ليس بينه وبين العافية سوى أن يدعو الله بالعافية ويلح في الدعاء.
قال تعالى : يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ.
ففي كل يوم جديد يوجد قضاء جديد، قضاء بعافية المبتلى، وشفاء المريض، وإغناء الفقير، وكسر الظالم، ونجدة الملهوف، وتحرير الأسير، فقط اسأله سبحانه، (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حثنا على الدعاء و الالحاح.
فالدعاء عبادة عظيمة جداً حتى قال النبي صل الله عليه وسلم : الدعاء هو العبادة.
وهذه العبادة لها آداب ينبغي على المسلم أن يتأدب بها، ومن هذه الآداب الإسرار بالدعاء.
فجاء معنى الإسرار بالدعاء بأن يكون مخافتاً بين العبد وربه.
قال تعالى :ادعوا ربكم تضرعا و خفية.
في هذه الآية ثلاثة آداب عظيمة ادب واجب من ضروريات الدين، وهو أن يكون الدعاء لله فلا يُدعى غير الله مهما عظمت منزلته.
وهذا من أعلى فرائض الدين فإنه دلالة على التوحيد.
اما وخفية فجاءت أي بإسرار وعدم جهر به.
قد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما سُمع لهم صوت، أي ما كانت إلا همسا بينهم وبين ربهم عز وجل.
فقد جرت السنن أن المعظَّم لا يُرفع عنده الصوت، وإنما يُتكلم عنده بمقدار ما يُسمعُ به الصوت، فلا يزاد على المقدار الذي يسمع به كلام المتكلم، والله عز وجل يسمع السر وأخفى؛ فمن التعظيم أن يكون الدعاء بإسرار.
أما الإسرار فلا يكون فيه إلا خشوع حقيقي وخضوع حقيقي؛ فهو أبلغ في الخضوع والتضرع والخشوع.
أنه أبلغ في الاخلاص وهذا ظاهر جداً؛ فإن عبادة السر يُعان فيها العبد على الإخلاص أعظم من عبادة الجهر.
أنه أبلغ في توجه القلب الى الله عز وجل حال الدعاء؛ فإن الإسرار -كما يقول أهل العلم- يجمع القلب.
أي أن العبد يشعر بإسراره بدعائه أنه قريب من الله وأن الله قريب منه؛ فهو عندما يدعو سراً ويعتقد أن الله يسمع دعاءه حال سره فإنه يشعر بقرب الله عز وجل منه، وهذا أكمل لإيمان المؤمن.

شاهد أيضاً

غزة بين “عقيدة بايدن” وخطة نتنياهو

بعيدًا عن تداعيات قرار مجلس الأمن الذي صدر أخيرًا، مطالبًا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، والشرخ الذي أظهره في العلاقة بين الإدارة الأميركية، وحكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل، يحسن بنا أن نعود خطوتَين إلى الوراء لمحاولة فهم طبيعة ذلك الخلاف.