الإمارات .. امبراطورية المرتزقة العظمى لنهب ثروات الشعوب

بقلم : أحمد السعيدي

تشهد المنطقة العربية تواجد العديد من الشركات الأمنية المعروفة بتجنيد المرتزقة حول العالم، تقوم باستقطابهم من كافة الجنسيات ثم تدفع بهم إلى بؤر الصراع بعد أن يتلقوا تدريباتهم مقابل عقود بملايين الدولارات سنويا. ومن أشهر هذه الشركات «بلاك ووتر» الأمريكية التي عملت في بلدان مثل العراق سابقاً، وفي نفس المسار ذهبت الإمارات نحو التعاقد وإنشاء هذه الشركات التي تحاول من خلالها استغلال الشعوب ذات الدخل المحدود، من خلال خداعهم وإيهامهم بأنها ستوظفهم في مرافق خاصة ومدنية حيوية داخل الإمارات، مقابل أجور مرتفعة، وقامت بتدريبهم على الأسلحة الثقيلة، دون التوضيح لهم بأنها ستستخدمهم في حروب عبثية.
يكشف مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” الدور المشين الذي تلعبه الشركات الأمنية في دولة الإمارات من أجل تجنيد المرتزقة في الحروب والتدخلات العسكرية لأبو ظبي في اليمن وليبيا وغيرها من الدول، ومن هذه الشركات «بلاك شيلد – Black Shield» التي نشطت بشكل خاص في بلادنا وليبيا.

شركة “بلاك شيلد”

سلطت قضية الشباب السودانيين الذين استدرجتهم شركة “بلاك شيلد” الإماراتية الأمنية للمشاركة في العمليات الحربية إلى جانب مرتزقة الإمارات في كل من اليمن وليبيا، الضوء على الدور الذي تقوم به هذه الشركة وغيرها من الشركات الأمنية كواجهة لعمليات تجنيد المرتزقة للقتال في الحروب التي تمولها أبوظبي في ساحات الصراع بالمنطقة، وكشفت اعترافات الشباب السوداني العائدين من أبوظبي والذين بلغ عددهم 209 شباب جرى استقدامهم للعمل في الإمارات، بموجب عقود عمل رسمية، ثم الزج بهم إلى مناطق الصراع في المنطقة، انهم وبعد وصولهم أبو ظبي للعمل بوظيفة “حارس أمن” وجدوا أنفسهم في معسكر ضخم تابع للجيش قرب العاصمة الإماراتية، وتعرضوا لتفتيش دقيق شمل مصادرة هواتفهم النقالة، فيما تم تدريبهم على أسلحة ثقيلة؛ مثل “الدوشكا” وقذائف الـ”آر بي جي”.
وقام مسؤولون إماراتيون بتخيير المجموعات المدربة بين الذهاب إلى اليمن أو ليبيا، مقابل راتب سخي يبلغ ألف دولار شهريا، وقد يزيد على ذلك، فيما تم تشديد حراسة المعسكر عبر تطويقه بتعزيزات عسكرية بعد رصد محاولات للهرب من المعسكر رغم صعوبة الهروب من هذا المعسكر الضخم الواقع في منطقة خلوية.
ووفق وثائق تم تداولها عبر مواقع التواصل، فإن الجهة التي تعمل لصالح “بلاك شيلد” الإماراتية في السودان هي مكتب “الأميرة للاستقدام الخارجي”، وتحمل وثائق السفر وتأشيرات الدخول، ختم سفارة السودان في أبوظبي، وأختام الجهات الرسمية في الإمارات.
وتمكنت شركة بلاك شيلد الإماراتية عبر وكالتي أماندا والأميرة بالسودان من تسفير نحو 880 شابا على ثلاث دفعات خضعوا للتدريب العسكري في معسكر بإمارة أبو ظبي لفترة ثلاثة أشهر، ثم تخييرهم بعد التدريب بين ثلاثة أمور: إما الانتساب للجيش لتأمين مناطق البترول مقابل ثلاثة آلاف دولار أو العمل بالشرطة أو العمل في وظائف الحراسة مقابل 1200 دولار.

وتتخذ بلاك شيلد من تكساس مقرا لها وتعمل منذ أكثر من 20 عاما، وهي توفر مجموعة واسعة من الخدمات الأمنية، والحماية التنفيذية، وأمن الأحداث، التحري الخاص، التحكم الإلكتروني، مراقبة البريد السريع، واقيات الجسم الشخصية، حلول الأمن الرقمية، كما تقدم خدمات عدة في مجال التدريب العسكري، حيث تفيد الروايات السودانية المتداولة، بأن “بلاك شيلد”

الإماراتية قامت بتجنيد 3 آلاف شاب سوداني عبر بعض وكالات الاستخدام المحلية في البلاد.
وتبيَن أن “بلاك شيلد” مجرد واجهة فقط، لخطط إماراتية للتمدد عسكريا في ليبيا واليمن ومناطق أخرى، عبر سلاح المرتزقة، مقابل أموال ضخمة، وربما يجري مستقبلا الكشف عن شركات أخرى وسماسرة من مسؤولي المنطقة لتنفيذ أجندة أبوظبي الرامية إلى إجهاض ثورات الربيع العربي.

تاريخ طويل

وتسعى أبو ظبي التي لديها تاريخ طويل في توظيف المرتزقة من الدول الفقيرة، من خلال إنشاء هذه الشركات، إلى تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي.
ففي العام 2011 ، وقّعت الإمارات عقدًا بقيمة 529 مليون دولار مع شركة Reflex Response Security Consultants التي يديرها مؤسس شركة بلاك ووتر العالمية سيئ السمعة «إريك برنس»، من أجل إرسال المرتزقة إلى ليبيا واليمن، ونشرتهم في عدد من الموانئ في دول على طول ساحل البحر الأحمر.
كما تم نشر حوالي 450 مرتزقة من دول أمريكا اللاتينية، يرتدون الزي العسكري الإماراتي في اليمن خلال العام 2015، بهدف القتال إلى جانب تحالف العدوان الذي تقوده السعودية ضد الشعب اليمني. ووفقًا لتقرير نيويورك تايمز، هؤلاء المقاتلين تلقوا تدريباتهم في صحراء الإمارات قبل نشرهم.

من ناحية أخرى، أفاد موقع BuzzFeed News في العام 2018، أن الإمارات استأجرت مرتزقة أمريكيين لقتل سياسيين يمنيين، كما سعت للقضاء على الأفراد الذين تحدوا سياساتها الانفصالية في اليمن، أو تحدوا سيطرتها على موارد منطقة الجنوب، أو اعترضوا على تواجدها العسكري او تواجد مرتزقتها في جزيرة سقطرى الإستراتيجية.
وهناك شركات أخرى تتعاون معها الإمارات لتجنيد مرتزقة، منها شركة أمن خاصة أمريكية تسمى “سباير أوبريشن”، تعاقدت معها أبوظبي لتنفيذ عمليات اغتيال ومهام قذرة في اليمن، بحسب موقع “بازفيد” الأمريكي.
ووفقا لمجلة “إنتليجنس أونلاين” الفرنسية المتخصصة في متابعة أجهزة الاستخبارات في العالم، فقد أسندت دولة الإمارات، مهام عسكرية سرية لشركة الأمن الأمريكية “بلاك ووتر”، ضمن عملياتها على الأراضي الليبية.
وفي 2017، كشفت عائلات القبائل العربية التشادية والنيجرية، عن تعرض أبنائها للخداع من خلال إقناعهم بأنهم ذاهبون إلى الإمارات للعمل في الشركات الأمنية الموجودة هناك بمبالغ وامتيازات خرافية، وحين وصلوا هناك جرى إلباسهم الزي العسكري الإماراتي، وتوزيعهم على عدد من المواقع في اليمن، بحسب صحيفة “التايمز” البريطانية.

مرتزقة المجلس الانتقالي

وفي جنوب البلاد صنعت الإمارات مرتزقة ما يسمى «المجلس الانتقالي» وقياداته وجعلت منهم أدوات لا تفعل شيئاً سوى تنفيذ السياسات الخارجية للإمارات، وذلك للتآمر على الشعب اليمني ونهب ثرواته ومقدراته، وجندت الآلاف منهم ودربتهم في الإمارات ونشرتهم في المحافظات الجنوبية المحتلة، وخصوصاً الجزر والمناطق الساحلية ليصبحوا أداة ضغط تُشَرع مصالحهم وأطماعهم، وتعمل على تعطيل مصالح المواطنين وتطفيشهم وتركيعهم ليشكلوا بهم موجة غضب، ثم يوجهونهم بإعلامهم المرتزق لإدخال البلاد في فوضى وزعزعة الأمن وعدم الاستقرار للنيل من كل من يرفض الرضوخ لهم لتحقيق مطامعهم على حساب شعب يعيش تحت الفقر، أما قيادات الانتقالي فهي أدوات مرتزقة نصَّبت نفسها كولاة على المناطق الجنوبية، ونصبوا أنفسهم ليكونوا عملاء لخدمة أعدائهم وتدمير أرضهم ونهب ثرواتهم ..وتشير الأرقام إلى نية الإمارات تجنيد 40 ألف جندي تابعين لها من أبناء المحافظات الجنوبية مستغلة ظروفهم الاقتصادية والمعيشية، العدد الكبير للمجندين اثار عدة تساؤلات عن مصير 90 الف جندي تم تجنيدهم من قبل الإمارات تحت مسميات متعددة من أبين وشبوة وحضرموت ولحج والضالع وردفان ووزعتهم في 16 لواء وبرواتب مغرية تصل 1500 ريال سعودي ، لكل مجند جديد ، حيث سعت الإمارات عبر ميليشياتها وأدواتها الانتقالية التي تحركها كيفما تشاء إلى السيطرة على مؤسسات الدولة، وبهؤلاء المرتزقة وغيرهم تزايد حجم المؤامرات والدسائس التي تكيدها الإمارات لتمزيق الوطن ليسهل عليها السيطرة على موارد البلاد ونهب الثروات، وقد نشرت رنصحيفة التايمز الأمريكية تقريراً يتهم رئيس المجلس الانتقالي ونائبه بالمتاجرة بالشباب في المحافظات الجنوبية، مشيرة إلى أنهم حولوا ما وصفتهم بـ”الشباب الجنوبي” إلى مرتزقة هم الأرخص على مستوى العالم.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.