الإلكترونيات والأطفال.. تحذيرات وتوصيات أكرم صالح

أكرم صالح
مما لا يخفى على أحد أننا نعيش في ظل تطور تكنولوجي هائل، فيكاد لا يخلو بيت إلا واجتاحه هذا التطور بشكل أو بآخر.

وكما هو معروف فإن هذه الوسائل التكنولوجية تعتبر بابا واسعا للتسلية والترفيه لدى الكثير من الأطفال، ولكن ليس هذا فحسب، فهي أيضا تعطي مجالا أوسع لتنمية المهارات والقدرات التعليمية ومهارات التواصل لديهم.

نعم، قد يكون من الصعب جدا في ظل هذا الغزو التكنولوجي الضخم أن يتم منع الأطفال البتة من استخدام هذه الأجهزة الإلكتروتكنولوجية، ولكن بالمقابل لا بد من أن يكون هناك نوع من التدخل سواء من الأهل أو من المدرسة، وذلك من أجل ضبط الاستخدام المفرط لتلك الأجهزة عند هؤلاء الأطفال، أو بعبارة أخرى ضبط ما يدعى “سوء الاستخدام”.

الشاشات الإلكترونية بين الإيجابيات والسلبيات
كما تكلمنا آنفا بأن هذه الشاشات الإلكترونية من شأنها أن تنمي المهارات المعلوماتية ومهارات التواصل على حد سواء عند هؤلاء الأطفال، لكن على الرغم من كل هذه الإيجابيات المتنوعة فإن الأمر لا يخلو من وجود بعض النقاط التي وللأسف من الممكن أن تؤثر بشكل سلبي على هؤلاء الأطفال، والتي عادة ما تحدث جراء الاستخدام غير المبرمج لهذه الأجهزة الإلكترونية، ولعل من أبرز هذه النقاط السلبية على سبيل المثال لا الحصر:

الخلل الذي قد تحدثه هذه الشاشات الإلكترونية في النمو الاجتماعي والوجداني الطبيعي للطفل، والتأثير السلبي أيضا على التفاعل النفسي لدى هذا الطفل، سواء في بيئته المنزلية أو المدرسية، مثل العصبية الزائدة والعزلة أو فرط الحركة غير الطبيعي، وغير ذلك من السلبيات.
خلافا لما قد يتوقعه الكثيرون فإن هذه الأجهزة من شأنها أن تقلل نسبة الذكاء وروح الابتكار عند هؤلاء الأطفال، فقد أشار باحثون إلى أن الإجابات الجاهزة والتي تظهر بمجرد الضغط على شاشات تلك الأجهزة من الممكن أن تؤثر على النمو المعرفي لدى هذا الطفل، وأن تحد من قدراته على الإبداع والتفكير في مواجهة وحل المشكلات بشكل سليم ومنطقي.
الحد من التدريب اليدوي ومن المهارات المتعلقة بالتوافق بين النظر والحركة اللازمين للنمو الإدراكي السليم عند هؤلاء الأطفال.
التدني الملحوظ في المستوى الدراسي، وذلك بسبب الإدمان على تلك الشاشات الإلكترونية، والذي أصبح واضحا، خصوصا في ظل هذه الثورة التكنولوجية المستمرة.
العزف عن ممارسة الرياضة بسبب توافر عناصر الجذب في هذه الأجهزة، مثل الألعاب والفيديوهات والصور وغيرها، مما يؤثر سلبا على النمو البدني والاجتماعي عند هؤلاء الأطفال.
المشاكل البصرية، فقد بات معروفا لدى الجميع ما قد تسببه كثرة النظر إلى هذه الشاشات الإلكترونية من ضعف في البصر وإجهاد بصري متكرر.
ضعف السمع الذي من الممكن أن يحدث جراء التعرض المتكرر للأصوات الصاخبة عبر سماعات الأذن، والتي عادة ما تكون مرفقة مع تلك الأجهزة الإلكترونية.
اضطرابات النوم وما يليها من تبعات لا تحمد عقباها، والتي للأسف بتنا نراها بشكل ملحوظ، ولا سيما في الآونة الأخيرة، مثل الأرق والتعب العام وقلة التركيز والتوتر والقلق، وغير ذلك من الاضطرابات التي لها تأثيراتها السلبية على الحالتين البدنية والنفسية على حد سواء.
اضطرابات البول التي من الممكن أن تحدث جراء عدم الانتظام في تفريغ المثانة، وذلك بسبب الإدمان المفرط على تلك الأجهزة الإلكترونية.
المشاكل التي قد تسببها الإشعاعات والموجات الكهرومغناطيسية الصادرة عن هذه الأجهزة، والتي لم يتم إثبات أنها آمنة بعد حتى الآن.
علاوة على ذلك، ما تحدثه الجلسات الطويلة الخاطئة أمام شاشات تلك الأجهزة الإلكترونية من الآلام المفصلية العضلية، سواء كانت آلاما في الرقبة أو الظهر.
البرمجة الإدارية للشاشات التكنولوجية
في دراسة سابقة نشرتها الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال “إيه إيه بي” (AAP) توصي فيها الأكاديمية بألا يقضي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السنتين والخمس سنوات أكثر من ساعة واحدة فقط في اليوم أمام شاشات تلك الأجهزة الإلكترونية.

ويجب على الآباء الذين تتراوح أعمار أطفالهم بين الـ18 والـ24 شهرا، والذين يرغبون بإدخال هذه الوسائط الرقمية أن يقوموا باختيار برامج وتطبيقات معينة عالية الجودة، وأن يتم استخدامها مع هؤلاء الأطفال، كما أنه ينبغي ألا تستخدم هذه الوسائط من قبل الأطفال بأنفسهم البتة.

كذلك يجب ألا يتم استخدام هذه الأجهزة لمن هم دون السنة والنصف من العمر، وقد شددت الأكاديمية على أهمية ضبط هذا الاستخدام لدى الأطفال ممن هم في سن الخامسة من العمر وما فوق.

وأخيرا، أقول إن هناك عوامل أخرى متنوعة من شأنها أن تصب في مصلحة هذه البرمجة الإدارية، مثل إيجاد البدائل الممتعة للطفل أو تكليفه شيئا من المسؤولية أو غير ذلك من العوامل بحيث لا يترك هؤلاء الأطفال البتة أمام هذه الشاشات الإلكترونية دون أن يكون هناك أي نوع من أنواع التنظيم والرقابة المستمرين، مما يعود عليهم بالنفع والفائدة بإذن الله تبارك وتعالى

شاهد أيضاً

غزة تنزف….

غزة اليوم هي عضو الأمة الأشدّ نزيفا من بين كثير من الأعضاء التي لا تزال تنزف من جسد المسلمين، ومخايل الخطر تلوح في الأفق على المسجد الأقصى، الذي يخطط المجرمون لهدمه، أو تغيير هويته وتدنيسه، ولا يمنعهم من ذلك إلا الخوف من بقايا الوعي والإيمان في هذه الأمة أن تُسبب لهم ما ليس في الحسبان.