الإجازة المرضية كافية للفصل عن العمل.. وثائق تكشف فشل أمازون في حماية موظفيها

قبل عام من الآن، اكتشفت تارا جونز، وهي عاملة بأحد مستودعات شركة أمازون في ولاية أوكلاهوما، عند التدقيق في تفاصيل راتبها بعد وضع مولودها الجديد، أنها حصلت على 90 دولارا فقط من أصل 540 دولارا تستحقها بموجب إجازة الأمومة. وهذه الحالة ليست استثناء في عملاق التجارة العالمي.

في تقرير أعدته جودي كانتور وكارين وايز وغريس آشفورد، قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية إن شركة أمازون تواجه حاليا أكبر مشكلة موارد بشرية منذ تأسيسها، فقد أن تبين أنها تقوم بالتمييز بين موظفيها من حيث الإجازات مدفوعة الأجر وغير المدفوعة.

أبلغت جونز -التي تلقت دروسا في المحاسبة في كلية المجتمع- عن المشكلة لكن الشركة لم تتحرك، وهو ما جعلها ترسل بريدا إلكترونيا إلى مؤسس الشركة، جيف بيزوس.

كتبت جونز في رسالتها “لقد تأخرت في دفع الفواتير، وكل ذلك لأن قسم المحاسبة أخطأ في احتساب راتبي”.

دون علم السيدة جونز، تسببت رسالتها في فتح تحقيق داخلي، ليتبيّن أن حالتها لم تكن استثناء. لمدة عام ونصف العام على الأقل -بما في ذلك خلال فترات الأرباح القياسية- اقتطعت شركة أمازون من أجور بعض الموظفين خلال إجازات الولادة والمرض وغيرها، وذلك وفقًا لتقرير سري عن نتائج التحقيق الداخلي.

ولا يمثل هذا الخطأ سوى جزء صغير من مشكلات نظام أمازون للتعامل مع الإجازات المدفوعة وغير المدفوعة، وذلك استنادا لعشرات المقابلات ومئات الصفحات من الوثائق الداخلية التي حصلت عليها صحيفة “نيويورك تايمز”.

وثائق تكشف المستور
وتكشف الوثائق والمقابلات أن هذه المشكلات طالت بالأساس عمال الشركة ذوي الياقات الزرقاء، وهو ما وصفه العديد من المطلعين على خبايا الشركة بأنه أحد أخطر مشاكل الموارد البشرية.

ويؤكد عدد من موظفي الموارد البشرية السابقين والحاليين، الذين تحدث بعضهم دون الكشف عن هويته خوفا من العواقب، أنه تم فصل عدد كبير من العمال الحاصلين على إجازات بسبب مشاكل طبية أو مشاكل أخرى، بعد أن صنفهم “نظام الدوام” في الشركة -على وجه الخطأ- أنهم متغيبون عن الدوام.

وقد اختفت ملاحظات الأطباء من قواعد بيانات أمازون، وكافح الموظفون للوصول إلى المديرين المسؤولين عن قضاياهم، حيث يعمل “نظام الإجازات” في الشركة على خليط غير متجانس من البرامج.

خسر بعض العمال أسابيع أو شهورا من رواتبهم، كما وجد موظفو الشركة الذين يتقاضون رواتب أعلى، والذين اضطروا إلى التعامل مع نفس النظام، أن الحصول على إجازة روتينية أمر مربك للغاية. وحذر مسؤولو الشركة في مراسلات داخلية من “مستويات خدمة غير ملائمة” و”عمليات معيبة” وأنظمة “معرضة للتأخير والخطأ”.

وحسب الصحيفة، فإن هذه المشكلة تُظهر بشكل صارخ تدني مكانة العمال في أمازون تزامنا مع الصعود الصاروخي السريع للشركة وهيمنتها على سوق البيع بالتجزئة عالميا. ووفقا للعديد من العمال السابقين في الشركة، فإن أمازون اهتمت ببناء مستودعات جديدة لتلبية زيادة حجم الطلب والاقتراب من المستهلكين والتفوق على الشركات المنافسة، لكنها لم تخصص ما يكفي من الموارد لتلبية احتياجات الموظفين في هذه المستودعات.

وتقول بيثاني رييس، التي كُلّفت مؤخرا بمسؤولية إصلاح “نظام الإجازات” في أمازون، إن الشركة تعمل جاهدة لإعادة التوازن بين تلبية رغبات المستهلكين وتوفير بيئة عمل ملائمة للموظفين.

لكن جهود الشركة -التي يعمل بها أكثر من 1.3 مليون شخص- لمعالجة هذه المشكلة، تصطدم بتزايد الانتقادات. ويقول النشطاء وبعض المشرعين إن الشركة لا تحمي سلامة موظفي المستودعات بشكل كاف، وإنها تتخذ إجراءات عقابية ضد كل من ينتقد داخليا ذلك التقصير.

انتهاك للقانون
ليست مشكلة الإجازات في أمازون جديدة تماما، ففي عام 2017 واجهت الموظفة ليزلي توليس، مشكلة عنف منزلي وطلبت إجازة غير مدفوعة الأجر بموجب قانون ولاية واشنطن. وينص القانون على السماح للموظف في حال الموافقة على طلب الإجازة، أن يعمل بشكل متقطع، ويمكن له أن يغيب عن العمل دون سابق إنذار عند الضرورة، دون تحمّل أي تبعات.

وافقت أمازون على طلب الإجازة، لكن يبدو أن الشركة لم تفهم الإجراءات التي وافقت عليها، حيث تُظهر وثائق المحكمة أن تلك الإجازة لم تكن متوافقة مع قانون الولاية الأم للشركة.

تقول توليس إنها واجهت مشاكل مستمرة في ترك العمل والعودة إلى المنزل للحفاظ على سلامة أطفالها. وفي يونيو/ حزيران 2019، وبعد أن حصلت على إجازة لمدة يومين للتعامل مع أزمة عائلية، طُردت من العمل بسبب عدم التزامها بموعد تسليم إحدى الطلبات. تولى مكتب المدعي العام لولاية واشنطن قضيتها، ووصف نظام الإبلاغ عن الإجازات في أمازون بأنه “فاشل”، واعتبر أن الشركة انتهكت قانون الولاية.

ردّت الشركة بأنها منحت السيدة توليس الدعم الكافي والمزايا الكاملة للإجازة على مدى عامين، مضيفة أنها طُردت بسبب تقاعسها أثناء العمل وليس بسبب حصولها على إجازة.

المصدر : نيويورك تايمز

شاهد أيضاً

هكذا أدارت المقاومة الحرب النفسية مع الاحتلال في غزة

ظهرت في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أهمية الحرب النفسية باعتبارها جبهة أساسية من جبهات هذه المعركة، وحاول كل طرف توظيف الدعاية للتأثير النفسي في مخاطبة جمهوره والجمهور المعادي.