﴿وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾ [آل عمران: ١٠٤]
أي: وليكن منكم أيها المؤمنون الذين مَنَّ الله عليهم بالإيمان والاعتصام بحبله ﴿أمة﴾ أي: جماعة
﴿يدعون إلى الخير﴾:
وهو اسم جامع لكل ما يقرب إلى الله ويبعد من سخطه
﴿ويأمرون بالمعروف﴾
وهو ما عرف بالعقل والشرع حسنه
﴿وينهون عن المنكر﴾
وهو ما عرف بالشرع والعقل قبحه
– وهذا إرشاد من الله للمؤمنين أن يكون منهم جماعة متصدية للدعوة إلى سبيله وإرشاد الخلق إلى دينه
– ويدخل في ذلك العلماء المعلمون للدين
– والوعاظ الذين يدعون أهل الأديان إلى الدخول في دين الإسلام، ويدعون المنحرفين إلى الاستقامة،
– والمجاهدون في سبيل الله
– والمتصدون لتفقد أحوال الناس وإلزامهم بالشرع كالصلوات الخمس والزكاة والصوم والحج وغير ذلك من شرائع الإسلام
– وكتفقد المكاييل والموازين وتفقد أهل الأسواق ومنعهم من الغش والمعاملات الباطلة
– وكل هذه الأمور من فروض الكفايات كما تدل عليه الآية الكريمة في قوله ﴿ولتكن منكم أمة﴾ إلخ
– أي: لتكن منكم جماعة يحصل المقصود بهم في هذه الأشياء المذكورة،
– ومن المعلوم المتقرر أن الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به
– فكل ما تتوقف هذه الأشياء عليه فهو مأمور به، كالاستعداد للجهاد بأنواع العدد التي يحصل بها نكاية الأعداء وعز الإسلام
– وتعلم العلم الذي يحصل به الدعوة إلى الخير وسائلها ومقاصدها
– وبناء المدارس للإرشاد والعلم، ومساعدة النواب ومعاونتهم على تنفيذ الشرع في الناس بالقول والفعل والمال
– وغير ذلك مما تتوقف هذه الأمور عليه
– وهذه الطائفة المستعدة للدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هم خواص المؤمنين
– ولهذا قال تعالى عنهم: ﴿وأولئك هم المفلحون﴾ الفائزون بالمطلوب، الناجون من المرهوب
تفسير #السعدي