الأراضي الفلسطينية.. شبان بلا عمل واقتصاد على وشك الانهيار !

منذ بضع سنوات يحاول الشاب خالد عقل (27 عاما) من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، الحصول على عمل في مجال تخصصه نظم المعلومات الإدارية دون جدوى، الأمر الذي دفعه للعمل في أحد المصانع المحلية، لكنه فقد عمله مؤخرا عقب تراجع مستوى انتاج المصنع.

يقول الشاب عقل، “انه تقدم لعشرات الوظائف الحكومية دون جدوى خلال السنوات الست الماضية، وتوجه للعمل داخل إسرائيل بشكل غير قانوني وتعرض إثر ذلك للاعتقال، ثم التحق بأحد المصانع المحلية بداية العام الماضي بعيدا عن مجال دراسته، لكن المصنع سرح عددا من العمال قبل نحو شهرين اثر تراجع الطلب على منتجاته نتيجة الازمة التي تمر بها البلد،” ويضيف “الآن اصبحت عاطلا عن العمل مثل الكثير من الشبان”.

وتعاني الاراضي الفلسطينية من تفشي البطالة، حيث كشف جهاز الاحصاء الفلسطيني الثلاثاء، بمناسبة اليوم العالمي للعمال، عن وجود نحو 426 ألف عاطل عن العمل خلال العام الماضي.

وبين الجهاز “أن العاطلين الجدد عن العمل في فلسطين ازدادوا بنسبة 3% في عام 2018، مقارنة بـ 38% عام 2017.”

ويشير الشاب عقل الى انه “بات من الصعب الحصول على وظيفة حكومية أو في القطاع الخاص في مجال دراسته، وكل ما يتوفر الآن هو وظائف في قطاع الخدمات وبرواتب متدنية جدا لا تكفي لسد الاحتياجات اليومية”.

لكن تبقى فرص العمل في الضفة الغربية أفضل من قطاع غزة الذي يعاني من أزمة بطالة خانقة، حيث كشف جهاز الاحصاء عن ارتفاع معدلات البطالة في قطاع غزة نحو 8%، حيث كانت في 2017 نسبة البطالة 44%، ووصلت إلى 52% في 2018، بينما هي في الضفة الغربية 18%.

وترتفع معدلات الفقر بين الاسر الفلسطينية بشكل غير مسبوق في قطاع غزة، وبشكل أقل بالضفة الغربية، وتقدم السلطة الفلسطينية مساعدات مالية لآلاف الأسر الفقيرة بشكل شهري، بنيما بدأت قطر تقدم معونات لأسر في قطاع غزة تعرف بمنحة المساعدات القطرية.

وبحسب مسح أجراه الاحصاء الفلسطيني منتصف العام الماضي، فإن نسبة الفقراء في الضقة الغربية وصلت 13.9%، بينما وصلت نسبة الفقراء الى ما يزيد عن نصف السكان في قطاع غزة، فقد بلغت 53.0%، أي تفوق نسبة الفقر في الضفة الغربية بحوالي أربعة أضعاف.

أما بناءً على خط الفقر المدقع فقد بلغت نسبة الفقراء حسب المسح في الضفة الغربية 5.8% بينما وصلت في قطاع غزة الى 33.8%، أي تفوق نسبة الفقر في الضفة الغربية بحوالي ستة أضعاف.

وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء فقد بلغ عدد العاملين في فلسطين 954 ألف عامل، مقسمين كالآتي، بواقع 573 ألف عامل في الضفة، و254 ألف عامل في غزة، و127 ألف عامل داخل الخط الأخضر وفي المستعمرات.

بينما العاملون في القطاع الخاص في فلسطين بلغ حوالي 350 ألف مستخدم بأجر. 33% يتقاضون أجراً أقل من الحد الأدنى.

يقول عقل : “انه يفكر بالمجازفة مجددا بالعودة الى العمل داخل اسرائيل بشكل غير قانوني رغم خطورة المغامرة في ظل غياب فرصة عمل في منطقته”.

وتفرض اسرائيل شروطا قاسية على الفلسطينيين للحصول على تصريح عمل، حيث يتطلب ان يكون متزوجا وان لا يكون منخرطا في اعمال عدائية ضدها، وهو ما يحول دون الحصول الكثير منهم على تصاريح عمل.

واوقفت السلطة الفلسطينية استقبال الوظائف، عقب الازمة المالية التي تمر بها وعدم قدرتها على دفع راتب كامل لموظفيها منذ ثلاثة أشهر، وهو ما سيزيد من حدة البطالة.

وفي الاطار، كشفت تقارير دولية للأمم المتحدة والبنك الدولي عن وجود خطر حقيقي يهدد بانهيار الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في الاراضي الفلسطينية.

وفي تقرير نشره البنك الدولي مؤخرا، حول الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، أظهر تراجع نمو الاقتصاد الفلسطيني وتراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي.

ويشير التقرير إلى أن الاقتصاد الفلسطيني، الذي لم يشهد نموًا حقيقيًا في عام 2018، على وشك الانهيار بسبب التوتر بين “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية بعد الاستيلاء على أموال الضرائب.

وقالت آنا بجارد، المدير الإقليمي للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومدير العمليات في البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “هناك حاجة لاتخاذ قرار عاجل لمنع المزيد من التدهور في النشاط الاقتصادي”.

وأضافت “يعد جمع الأموال مصدرًا رئيسيًا لدخل السلطة الفلسطينية، والوضع الاقتصادي المتردي يؤدي إلى زيادة حدة التوتر بين السكان”. ووفقًا للبنك، يتأثر الاقتصاد الفلسطيني بشدة بالقيود المفروضة على النشاط الاقتصادي وحركة البضائع إلى غزة والضفة الغربية.

وبحسب الخبراء، فإن الازمة المالية التي تمر بها السلطة الفلسطينية، ستمس بشكل مباشر وغير مباشر مختلف القطاعات الاقتصادية، وهو ما سيؤدي الى تراجع نمو الاقتصادي وتراجع فرص العمل في الاراضي الفلسطينية، وازدياد معدلات البطالة والفقر.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".