اغتيال “سليماني” يزيد من تقارب حماس و إيران

(الأناضول)

أثارت مواقف حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، المنددة باغتيال قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، ردود فعلٍ متفاوتة.

فقد رفض البعض، التعزية “الحارة” التي قدمتها حماس لإيران، ووصف زعيمها إسماعيل هنية، سليماني، بـ”شهيد القدس”، مذكرين بدوره في “استهداف العرب السنة في سوريا والعراق واليمن”.

كما رأوا أن التقارب الكبير، الحاصل بين الطرفين، سيضعف التأييد العربي لـ”حماس”، وسيزيد من تدهور علاقاتها مع دول الخليج العربي، وعلى رأسها “السعودية”.

في المقابل، رأى البعض أن حماس، مضطرة للتقارب مع إيران، بحثا عن الدعم المالي والعسكري، في ظل موجة العداء التي تشنها ضدها بعض الدول العربية.

وأعلنت واشنطن، الجمعة، مسؤوليتها عن اغتيال سليماني، في غارة وقعت في العاصمة العراقية، بغداد.

وأصدرت حماس بيانا نعت فيه سليماني، كما توجّه رئيس مكتبها السياسي، هنية، على رأس وفد رفيع إلى طهران، للمشاركة في جنازته.

تقارب “سلبي”
ويرى الكاتب عمر جعارة، أنّ تدهور علاقات حماس وبعض الأنظمة العربية وخاصة السعودية وحلفاءها، دفعها باتجاه تعزيز علاقاتها مع إيران.

ويضيف: “حماس تدرك تماماً أنها قدمت ما يكفي من تنازلات لتقترب من تلك الأنظمة (العربية)، وفي المقابل لم تجد سوى الرفض والمحاربة”، مستشهدا على ذلك بالبيانات التي أصدرتها السعودية ووصفت خلالها الحركة بالإرهابية.

وكان عادل الجبير، وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، قد قال في تصريحات أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي في بروكسل، في 22 فبراير/ شباط 2018، إن حركة حماس “متطرفة”.

وسبق أن طالب الجبير من باريس، في يونيو/ حزيران 2017، قطر بالتوقف عن دعم جماعات، وصفها بالإرهابية، وذكر منها حركة حماس.

وتتسم علاقات السعودية، وإيران، بالعداء الشديد، منذ عدة عقود.

ويضيف جعارة أن الموقف الذي تعيشه حماس في الفترة الحالية وتقارب علاقتها مع إيران “لا يمكن تمريره على نحوٍ إيجابي بشكلٍ مطلق”.

وأضاف: “التقارب بين الطرفين يأتي في وقتٍ تزيد خلاله الاعتداءات الإيرانية في المنطقة العربية والتي تستهدف بشكلٍ أساسي المدنيين في عدد من الدول، مثل سوريا واليمن والعراق، الأمر الذي سيؤدي بالضرورة لضعف شعبيتها إذا ما استمرت في تطوير تلك العلاقة”.

ومن وجهة نظر جعارة، فإن حماس، وبعد سجالاتٍ داخلية خاضتها على مدار السنوات الماضية، قررت أخيراً الاتجاه نحو إيران، لتحصيل دعمها السياسي والعسكري والمالي، لاسيما بعد اشتداد الأزمات التي تعاني منها على عددٍ من الأصعدة، وتعثر حكمها لقطاع غزّة بعددٍ من العقبات، التي وضعها أمامها كثيرٌ من الأطراف، تتمثل بشكلٍ أساسي في إسرائيل وحلفائها.

تعزيز الفرقة
من جهته، يرى الباحث عزيز المصري، أن العلاقة بين إيران وحماس، في هذا الوقت، تبدو في “أبهى صورها”، وتشبه إلى حدٍ كبير تلك العلاقة التي كانت موجودة قبل الثورة السورية.

ويشير المصري إلى أنّ المكتب السياسي الذي أفرزته انتخابات الحركة الداخلية قبل ثلاث سنوات، كان واضحاً فيه تفوق التيار المؤيد للتقارب مع إيران.

ويضيف أن التقارب الكبير بين حماس وإيران، بدافع حاجتها المالية والعسكرية، سيؤثر على صورتها الأخلاقية، لاسيما في ظل “تورط إيران بالدم العربي في سوريا والعراق واليمن”.

وينوّه إلى أن توتر العلاقة بين حماس ودول الخليج (عدا قطر) وخسارتها للساحة السورية وسقوط جماعة الإخوان المسلمين في مصر، كلها أسباب دفعتها للطرف الإيراني.

ويلفت إلى أنّ مشاركة رئاسة المكتب السياسي لحماس في تشييع سليماني واعتباره “شهيد القدس في خطاب ألقاه في جنازته”، يؤكد أن الحركة “اصطفت بشكلٍ كامل إلى جانب إيران”.

ويضيف المصري: “حماس قد تتدخل في أيّ مواجهة قادمة، قد تندلع بين إسرائيل وإيران، كون الأخيرة لا تمنح دعماً بلا مقابل”.

وفي ختام حديثه، يبيّن أن تلك الزيارة لطهران، ستعزز بالضرورة من الفرقة بين حماس والخليج وبالأخص السعودية ومصر، وكذلك الجماهير السورية المناهضة لبشار الأسد، الذين اعتبروا تلك الخطوة من حركة مقاومة فلسطينية، بمثابة طعنة في الظهر، حسب قوله.

رأي مختلف
ويختلف الكاتب السياسي، محمد العيلة، مع سابقيه، حيث يرى أن علاقات حماس وإيران “متوازنة”، ولا علاقة لها بتدهور علاقاتها مع دول الخليج العربي.

ويقول العيلة، إن العلاقة بين حماس وإيران، مرّت بسياقات وظروف مختلفة، تلقت خلالها الحركة دعماً سياسياً، تطور إلى دعم مالي وعسكري وأمني.

وذكر العيلة، أن الدعم الإيراني لحماس، تحسّن “كمّاً ونوعاً، مع تنامي قوة الحركة على الساحة الفلسطينية والإقليمية وتعاظم تأثيرها في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي”.

ويؤكّد أنّ مستوى العلاقة بين الطرفين وصل لحد يمكن القول أنّه صار متزناً، حيث أضحى هناك تفهما مشتركا للمواقف المتباينة في القضايا الإقليمية، دون التدخل في خصوصيّة أي طرف في طريقة إدارته لشؤونه الداخلية.

ودعم العيلة ما ذهب إليه، بإقدام حماس، على تفكيك حركة الصابرين (متهمة بالتشيّع)، العام الماضي، في قطاع غزة، التي تتلقى دعما إيرانيا مباشرا، دون أن يؤثر ذلك على العلاقة مع طهران.

وينوه إلى أن التقاء المصالح بين حماس وإيران، يلعب دوراً مهماً في تراكم القوة العسكرية لصالح المقاومة الفلسطينية، لكن ليس ذلك هو المهم الوحيد في تلك العلاقة، فحماس رأت في طهران أنّها صاحبة أعلى سقف سياسي مناهض للاحتلال، يرفض الاعتراف بإسرائيل، ويدعم المقاومة بشكلٍ معلن ويعتبرها السبيل الوحيد لتحرير فلسطين.

ومن وجهة نظر العيلة، الذي يقيم في العاصمة القطرية، الدوحة، لا يوجد دور مباشر لتوتر علاقة الحركة بدول عربية متعددة في تقاربها مع إيران، حيث أنّها لا ترى أن العلاقة مع طهران قابلة للاستبدال.

ويستدل بذلك على أن الحركة سعت لتعزيز علاقاتها مع إيران، في ذات الوقت التي عززت فيه العلاقة مع مصر التي لا يجمعها مع طهران أيّ عنصر مشترك.

ويرى العيلة، أن تعزية حماس “الحارّة” بمقتل سليماني، لن تؤثر على علاقتها مع بعض الأنظمة العربية، لأنّ الأخيرة صارت تفتقد لأدوات التأثير على الحركة، باستثناء مصر وهي تتعامل مع حماس بحكم الأمر الواقع ومستوى العلاقة منخفض لا يتأثّر بهذه التعزية.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".