استمرار «تشميع» بيوت وقاعات أكبر جماعة إسلامية معارضة في المغرب يثير الجدل

تستمر العلاقة بين السلطات في المغرب وأكبر جماعة إسلامية معارضة في السير على خط توتر تصاعدي في الشهور الأخيرة، وتشكل حملة تشميع البيوت المظهر البارز لتأزم العلاقة أكثر خلال هذه الفترة. وأعلنت جماعة العدل والإحسان، وهي جماعة شبه محظورة، أن «حملة واسعة» ضد أعضائها قد شنتها السلطات يوم الأربعاء الماضي، حيث تم إغلاق قاعة متعددة التخصصات تابعة لتعاونية بمدينة آسفي، بدعوى أنها تعود لأعضاء في الجماعة، وفق ما جاء في بلاغ حول الواقعة عممته «العدل والإحسان» وصفت فيه مبرر السلطات للإقدام على عملية التشميع بأنه «مبرر سلطوي في غاية الغرابة».
وطفت مؤخراً قضية تشميع بيوت تابعة لأعضاء في الجماعة ولقياديين بارزين في صفوفها في أكثر من مدينة على واجهة النقاش، ليفتح من جديد السؤال حول علاقة الجماعة بالسلطة والأسباب الخفية والمعلنة التي جعلت السلطات تعود للتشميع بعد أن كانت قد توقفت سنة 2006 وتم إعادة فتح بعض البيوت وبقيت أخرى «مفاتيحها» بيد السلطات، منها بيت الأمين العام للجماعة، محمد عبادي بمدينة وجدة شرق المغرب، إلى أن عادت القضية بقوة في الآونة الأخيرة .
وعن التشميع الأخير بمدينة آسفي، قالت «العدل والإحسان» في بلاغها إن السلطات شنت يوم الأربعاء 8 أيار/ مايو الجاري، حملة واسعة ضد أعضاء الجماعة، بحيث تم إغلاق قاعة متعددة الإختصاصات التابعة للتعاونية السكنية الصفاء المتواجدة في مدينة آسفي، بدعوى أنها تعود لأعضاء في الجماعة، مضيفة أن «عناصر مختلفة من شتى الألوان الأمنية بالزي الرسمي والمدني، قامت في حدود الساعة الثانية والنصف من يوم أمس الأربعاء، بتطويق إقامة الصفاء شمال مدينة آسفي بطريقة محفوفة بالترهيب وزرع الخوف»، ووصفت مبرر التشميع بـ«مبرر سلطوي في غاية الغرابة، وهو وجود أعضاء من جماعة العدل والإحسان في مكتب التعاونية» . وفي الوقت الذي ترى فيها جمعيات حقوقية محلية ودولية أن التشميع يدخل ضمن شد الحبل السياسي على الجماعة، وهو ما سبق أن أدلت به منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، حيث اعتبرت أن استمرار إغلاق منازل خاصة بشكل تعسفي هو خرق لمضمون دستور سنة 2011، تتشبت السلطة بأن البيوت التي تم تشميعها خرق أصحابها- وهم أعضاء في جماعة العدل والإحسان- القانون حيث تم تحويل بيوت خاصة إلى دور للعبادة دون مراعاة للقوانين الجاري بها العمل .
وإلى جانب التبرير القانوني لعمليات التشميع فالبعد السياسي لا يخفى، نظراً لطبيعة المرحلة السياسية التي تتسم بتنامي الاحتجاجات والتي اتهمت السلطات الجماعة بالوقوف وراءها في أكثر من مناسبة، وهو ما ظهر في كلام أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، حينما تمت إثارة موضوع جماعة العدل والإحسان في حوار أخير له، وأشار إلى أنها تقف وراء الاحتجاجات والتظاهرات التي يعرفها المغرب، آخرها المسيرة الوطنية التي تم تنظيمها في الرباط من أجل إطلاق سراح معتقلي حراك الريف عقب تأييد الأحكام في مرحلة الاستئناف، ووجه بنيوب الكلام للجماعة مطالباً إياها أن «تتقي الله في السلم المدني والعيش المشترك بيننا»، كما تمت إثارة قضية التشميع، حيث اعتبر المندوب أن الجواب عن خرق التشميع خارج قرار القضاء «يوجد في علم السياسة وليس في علم حقوق الإنسان»، بحجة أن الجماعة ليس لها الحق في ممارسة السياسة ما دامت لم تنتظم في حزب سياسي.
قضية التشميع الأخير لم تقف عند حدود يوم الأربعاء، حسب ما دونه القيادي في جماعة العدل والإحسان، حسن بناجح، إذ أعلن مجدداً ليلة الخميس/الجمعة: «تدخلت قوات المخزن مرة ثانية هذه الليلة لمنع السكان من صلاة التراويح بفناء التعاونية بآسفي بعد تشميع القاعة التي كان السكان يصلون فيها في ظل عدم وجود مسجد»، قائلاً: «كل هذا المنع والخرق للقانون والاعتداء على حقوق المواطنة لمجرد وجود بعض أعضاء جماعة العدل والإحسان ضمن سكان ومكتب التعاونية التي يصل عمرها إلى 24 سنة، وطيلة هذه المدة كانت القاعة المذكورة موجودة بشكل قانوني ويقيم فيها السكان أنشطتهم المختلفة»، وبأن السلطات التي طوقت الإقامة لم تدل بأي «مبررات قانونية أو وثائق رسمية سوى العبارة الشهيرة «أوامر فوقية».

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".