استخدمها ثم سخر منها.. السيسي يعتبر المظاهرات “دلع لا يبني الأوطان”

برز عبد الفتاح السيسي إلى واجهة الأحداث في مصر عام 2013 مستعينا بمظاهرات حاشدة أفضت في النهاية إلى انقلاب عسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، واليوم وبعد ست سنوات تقريبا، يتهكم السيسي قائلا إن المظاهرات لا تبني بلدا ولا تنهض بها، وإلا شارك بنفسه فيها.

وقال السيسي خلال حفل افتتاح أنفاق السيارات أسفل المجرى الملاحي لقناة السويس بالإسماعيلية، إن بناء البلاد لا يكون بـ”الدلع” وبالمظاهرات وإنما من خلال العمل والاستقرار والجهد المتواصل، وأضاف متهكما “لو كانت المظاهرات تبني مصر هنزل بالمصريين نقف في الشارع ليل نهار”.

ويبدو أن الرئيس المصري أدرك ما قد تحمله كلماته من أثر، فحاول الربط بين المظاهرات والاقتصاد قائلا إن “المصريين يستطيعون التغيير مرة ثانية وثالثة ورابعة، لو اللي موجود مش على مزاجهم، لكن عندهم الوعي بأنهم يستحملوا الإجراءات الاقتصادية عشان مستقبل أولادهم”.

ورغم أن للسيسي تصريحات سابقة أكد فيها أن التظاهر حق مشروع يكفله الدستور والقانون، فإن علاقته بالمظاهرات تبدو متناقضة لكنها في الوقت نفسه منطقية ومفهومة، فالرجل يدرك تأثير المظاهرات وتبعاتها، سواء مما حدث في مصر أو في دول أخرى شقيقة ومجاورة.

وفي مارس/آذار الماضي، وبينما كانت كل من السودان والجزائر تشهد مظاهرات حاشدة، طالبت في الأولى بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير، وعارضت في الثانية العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، خرج السيسي محذرا المصريين من مخاطر التظاهر على بلادهم، مشيرا إلى خسائر كبيرة منيت بها البلاد بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، على حد قوله.

وخلال احتفال الجيش بيوم الشهيد، تحدث السيسي عما يجري في “دول مجاورة”، معتبرا أن من يشاركون في المظاهرات يتسببون في ضياع بلادهم، وشدد على أن الأجيال المقبلة هي التي ستدفع ثمن عدم الاستقرار.

المثير أن علاقة السيسي مع المظاهرات بدأت باستفادته منها، ففي الأول من يوليو/تموز 2013 استخدم السيسي المظاهرات ليطلق تحذيرا ومهلة مدتها 48 ساعة لأطراف الحكم والمعارضة، من أجل التوافق على حل الأزمة التي كانت تعصف بالبلاد وقتها، وبعدها بيومين أعلن السيسي عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي وتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيسا مؤقتا للبلاد.

منذ ذلك التاريخ، ورغم أنه ظل وزيرا للدفاع حتى ترشح لانتخابات الرئاسة في 2014، عمل السيسي على تحجيم وقمع أي مظاهرات معارضة له، بدءا باعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس/آب 2013، وفي المقابل طالب المصريين بالخروج في مظاهرات حاشدة مؤيدة اعتبرها بمثابة “تفويض وأمر” من الشعب للجيش والشرطة بمواجهة “الإرهاب المحتمل”.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2013، صدر قانون التظاهر، الذي تضمن نصوصا وشروطا تجعل المظاهرات شبه مستحيلة، كما سمح للسلطات باستخدام القوة ضد المتظاهرين، بما فيها الرصاص المطاطي والقنابل المدمعة وخراطيم المياه.

وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بردود فعل ساخرة على تصريحات السيسي الأخيرة بشأن المظاهرات، اعتبر بعضها أن كلام السيسي غير منطقي لأن المظاهرات إن خرجت في الأساس فستكون ضده.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.