احتجاج المخيمات على اجراءات العمل… وأبو سليمان ومنيمنة يتحدثان عن خصوصية العامل الفلسطيني

فيما استمرت الاجتجاجات الشعبية على مداخل المخيمات الفلسطينية وسُجّلت وقفة تضامنية في صيدا رفضاً لاجراءات وزارة العمل اللبنانية التي تطال العمال الفلسطينيين في إطار مكافحة اليد العاملة الاجنبية غير الشرعية، فقد اعلن الرئيس محمود عباس “رفض كل اشكال التصعيد مع الاشقاء اللبنانيين”، مؤكداً “ان الحل يأتي بالحوار”.

وتلقى وزير العمل كميل أبو سليمان اتصالاً هاتفياً من نظيره الفلسطيني نصري ابو جيش، وأكد له على “تقديم كل التسهيلات اللازمة بما يتعلق بالمستندات المطلوبة لحصول الفلسطينيين على إجازات العمل كما ينصّ القانون اللبناني، وهي لا تكبّدهم أي رسوم عملاً بالتسهيلات الممنوحة لهم في القانون.” في وقت واصل سفير دولة فلسطين اشرف دبور اتصالاته مع ابو سليمان وعقد معه اجتماعاً آخر لمعالجة الوضع وتسهيل الامور أمام اللاجئين الفلسطينيين.

ولوحظ أن الصفة التي تحمل إسم “عاصمة الشتات عين الحلوة ” وجّهت نداء لتفادي الصدام مع القوى الامنية اللبنانية، وجاء في النداء “لكل المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم المحقة، لكل شاب وشابة وأم وأب، يريدون ادخالكم بفتنة كبيرة، يريدونكم شرارة لخراب كبير يؤسس لحرب تنتهي بإعادة خلط اوراق اللعبة من جديد، انتبهوا من الصدام مع القوى الامنية والجيش اللبناني. قاطعوا، عبّروا، غرّدوا، ارسموا، وتظاهروا سلمياً من دون مخالفة القانون، لتصل كلمتكم ولتعبّروا عن موقفكم الحازم حتى يصير إلى تغيير كل القرارات الجائرة بحقكم”.

الحريري

وقد كان لـ”القدس العربي” سلسلة حوارات حول إجراءات وزارة العمل وكيفية احترام خصوصية العامل الفلسطيني وتسهيل حصوله على اجازة عمل وفق القانون اللبناني من دون عوائق.

وعلى هامش جلسة مناقشة الموازنة سألت “القدس العربي” رئيس الحكومة سعد الحريري عن كيفية التعامل مع هذا الملف فقال: “الموضوع قيد المعالجة، لا تكبروه، ولا تعطوه أكبر من حجمه، ووزير العمل متعاون وهو بصدد تطبيق القانون”.

منيمنة

وأجرت “القدس العربي” حديثاً مع رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، الوزير السابق حسن منيمنة، فطرحت عليه سؤالاً حول كيفية الحفاظ على العلاقات اللبنانية الفلسطينية في ظل اجراءات وزارة العمل التي يعترض عليها اللاجئون الفلسطينيون فأجاب: “الحفاظ على أجواء التفاهم والتعاون الايجابي بين الدولة اللبنانية والاخوة الفلسطينيين مسألة هامة للبنان وللفلسطينيين، وما شاهدناه طوال السنوات الثلاثين الماضية بعد الخروج الفلسطيني المسلّح من لبنان من علاقات أرساها الفلسطينيون أنهم ليسوا طرفاً في لبنان وهم على استقلالية تامة عن كل النزاعات وبعيدون عنها ويهتمون فقط بشؤونهم الوطنية وقضيتهم المركزية وشؤونهم الحياتية في لبنان”.

وأوضح منيمنة أن “المسألة المطروحة هي تطبيق القوانين اللبنانية التي تتعلق بحصول العامل الفلسطيني على اجازة عمل وحصول ربّ العمل الفلسطيني على رخصة لممارسة المهنة أو العمل التجاري الذي يقوم به. والقانون اللبناني بالتعديل الرقم 128 و129 الذي صدر عام 2010، والذي تمّ بموجبه تعديل قانون العمل اللبناني، أعطى اللاجىء الفلسطيني خصوصية مختلفة لجهة التعامل معه كأجنبي وبالتالي هناك وضع خاص للفسطينيين بالتعامل. وجاء القانون ليلغي مبدأ المعاملة بالمثل على اعتبار أن الفلسطيني المتمسك بحق العودة ليست لديه دولة حتى الآن، وكان شرط المعاملة بالمثل بين الدول عائقاً امام عمل الفلسطينيين أو حصولهم على اجازة عمل، وأتى القانون ليلغي هذا المبدأ كما ألغى الرسوم امام الفلسطيني للحصول على اجازة عمل، ما يعني أن الدولة اللبنانية أعطت خصوصية للتعامل مع الفلسطينيين عن سائر غير اللبنانيين الموجودين على الارض اللبنانية. وانطلاقاً من هذه الخصوصية، الفلسطينيون هم موافقون على التقيّد بالقانون اللبناني والحصول على إجازة عمل إنما لا بدّ من اصدار مراسيم أو آليات تسهّل حصول العامل الفلسطيني على اجازة عمل وتلغي العوائق الموجودة التي تمنع العامل الفلسطيني من الحصول عليها حتى لو رغب بها”.

*ما هي طبيعة هذه العوائق؟

– “أبرز هذه العوائق هي ربط الحصول على إجازة عمل بعقد عمل موقّع من قبل رب عمل، وربّ العمل ولاسيما في المؤسسات الصغيرة التي لا يتعدّى عدد العاملين فيها 5 أو 6 أشخاص غالباً ما يتهرّبون من هذه المسألة لأنها ترتّب عليهم دفع اشتراكات للعمال في الضمان الاجتماعي بنسبة 23 % ويترتّب عليهم تسجيل مؤسستهم ايضاً. لذلك يتهرّبون ولا يعطون العامل عقد عمل. وأبدى الوزير تفهّمه لهذا الموضوع، ووعد بإنهاء هذه المسألة. وهناك عوائق شبيهة وأعتقد أنه في الأيام المقبلة هناك حوار مستمر وهناك تفهّم من وزير العمل لكثير من هذه الامور ونأمل الوصول إلى نتيجة ويجب الوصول إلى مثل هذه النتيجة تنهي هذا الوضع القلق عند الفلسطينيين تجاه عيشهم وعملهم في مكان اقامتهم المؤقتة في لبنان”.

*سمعنا خلال الاحتجاجات عدداً من الفلسطينيين يربطون بين إجراءات وزارة العمل وبين صفقة القرن فما هو تعليقك؟

– “بالتأكيد ليس مرتبطاً بصفقة القرن، وأنت تعرف أن الجمهور العام يربط اي موضوع بهذا الأمر أو بذاك الأمر، إنما حقيقة الأمر هي مجرد سعي الوزير إلى تطبيق القوانين اللبنانية خصوصاً نتيجة النزوح السوري، والأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان، وهي مجموعة عوامل تدفع إلى ضبط موضوع العمل والعمالة، ولكن ذلك يجب ألا يعني عدم تطبيق القانون ولاسيما لجهة تمييز العمال الفلسطينيين”.

* إذاً هناك تمييز للعامل الفلسطيني عن سواه في داخل القانون؟

– “نعم ، كما أشرت في المقدمة العامل الفلسطيني مميز ولديه وضعية خاصة في القانون الذي أعطى العامل الفلسطيني هذه الخصوصية.”

*لاحظنا على مواقع التواصل الاجتماعي أخذاً ورداً حول هذه المسألة هل هناك خوف من اصطفاف معين بين من يدافعون عن العمال الفلسطينيين وبين من ينادون بأولوية العامل اللبناني؟

– “يفترض أن يكون كل الناس لبنانيين وفلسطينيين مع تطبيق القانون الذي يتضمن مراسيم تنظيمئة وتحديداً للاجراءات التنفيذية وهذا ما لم يحصل منذ سنوات منذ صدور القانون سنة 2010.”

* هل ستصدر مثل هذه المراسيم التنظيمية قريباً؟

– “لا أعرف، نحن نعمل على هذا الأمر، والوزير وعد بإصدار التعميم لإزالة العوائق، وهناك وجهة نظر أخرى عند الاخوة الفلسطينيين لتصدر بمراسيم كي تكون ثابتة ودائمة كي لا تكون عرضة للتغيير كلما تغيّر وزير أو جاء آخر”.

* كيف تنظر كرئيس لجنة حوار أو كدولة إلى الفتوى التي أصدرها مفتي صور حول تحريم تطبيق القانون؟

– “هذا الموضوع هو وطني عام يعني كل اللبنانيين ويعني الفلسطينيين بكل حال لأنهم معنيون بجزء من هذه الاجراءات ولا داعي لتأخذ أي طابع مذهبي أو طائفي. يكفي ما يعانيه لبنان من تحويل كل قضاياه إلى صراعات أو اتجاهات طائفية ومذهبية”.

وزير العمل

وتحدثت “القدس العربي” إلى وزير العمل كميل ابو سليمان حول الاتصالات الجارية لتمييز العامل الفلسطيني عن سواه وكان الحوار الآتي:

*بعد التظاهرات الفلسطينية التي نراها في الشارع هل سنشهد اعادة نظر في إجراءات وزارة العمل؟

– “لا، لا تعديل في القانون، هناك إجراءات تتم وهناك إعادة نظر قليلة في الاجراءات لتسهيل صدور إجازات عمل للاخوة الفلسطينيين، وسنجد طريقة لتسهيل حياتهم وليس لتعقيدها. يفترض بهم أخذ إجازة عمل كي يزاولوا أعمالهم، إنما نحن علينا إيجاد طرق لتسهيل هذا الأمر، وهذا ما يتم درسه.”

* اي علاقة لهذا الأمر بصفقة القرن؟

– “لا أعرف الجواب على هذا السؤال، لا أرى أي علاقة. خطة وزارة العمل انطلقت من عدة شهور وأعطينا مهلاً لكل ارباب العمل في لبنان ولا علاقة لي لا صفقة القرن ولا باي شيء آخر، لي علاقة فقط بتطبيق القانون اللبناني.”

* الرئيس الحريري تحدث عن صيغة لمعالجة المسألة وتطبيق القانون ما هي هذه الصيغة؟

-“دولة الرئيس الحريري مشكور على جهوده وهو ينظر إلى كيفية تسهيل تطبيق القانون اللبناني، وأنا من اللحظة الاولى أتحدث عن طريقة لتسهيل الاجراءات واصدار اجازات العمل، هذا كل ما نفعله، وما نسعى اليه هو مساعدة العامل الفلسطيني وإخراجه من الظل إلى النور وإعطاؤه حقوقاً تساعد الوضع في لبنان وتساعده.”

* يقال إن هذا القانون قديم وتنقصه مراسيم تنظيمية فكيف ستصدرون هذه المراسيم مع التسهيلات؟

– “أولاً لا توجد مراسيم تنظيمية لتطبيق قانون العمل، هناك قوانين خاصة لإعفاء العمال الفلسطينيين وسنطبّقها كما هي حتى من دون مراسيم تنظيمية وبدأنا تطبيقها وإعطاء التسهيلات التي لحظها القانون، فالقانون يعطي خصوصية للعمال الفلسطينيين ونحن نحترم هذه الخصوصية بالطبع.”

* أنت وزير تمثّل حزب القوات اللبنانية فهل يمكن أن يستغلّ أحد هذا الأمر لإعادة نبش الماضي وبدأنا نشهد جدلاً على مواقع التواصل؟

– “ليقولوا ما يريدون على مواقع التواصل، أنا وظيفتي تطبيق القانون، وأنا وزير عمل في الحكومة، وشغلي هو تطبيق القانون اللبناني، وكل ما عدا ذلك لا يعنيني ولا يؤثر.”

* هل يمكن أن تعيد إجراءات وزارة العمل توتير العلاقات اللبنانية الفلسطينية؟

– “لا إجراءات لوزارة العمل بحق أحد، بالعكس نحن نطبّق القانون مع احترام خصوصيات الاخوة الفلسطينيين. ونحن لم نقل للحظة إنه يجب ألا يعمل الفلسطينيون في لبنان.”

* كيف كانت نتيجة الاجتماع مع السفير الفلسطيني أشرف دبور؟

– “ممتازة…”

*هل خرج راضياً أو مقتنعاً؟

– “عليك أن تسأله هو، إنما أنا وجدت الاجتماع ايجابياً ولدي اجتماع آخر معه.”

وما لم يقله وزير العمل، ذكرته أوساط القوات اللبنانية التي إتهمت محور الممانعة بإستغلال معاناة الفلسطينيين المزمنة لتوظيفها أوراقاً يستخدمها في حروبه بإمتداداتها الاقليمية”، وقالت الاوساط لـ”المركزية” إن “رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي ينتمي وزير العمل إلى فريقه السياسي، ويتهمونه بأن قراره هذا يصب في خانة داعمي “صفقة القرن”، هو أول من أعلن الرفض المطلق لهذه الصفقة، وقال عنها إنها ميتة قبل أن تولد، وهو من يلتقي القيادات الفلسطينية ويدعم قضيتهم العادلة وهو من نسج شبكة علاقات قوية مع السفارة الفلسطينية في بيروت”.

اتحاد نقابات عمال فلسطين

على صعيد آخر، تسلّم الوزير ابو سليمان كتاباً من اتحاد نقابات عمال فلسطين – فرع لبنان، جاء فيه: “تحية الطبقة العاملة الفلسطينية لسعادتكم وللبنان الشقيق. إن الاتحاد العام لعمال فلسطين واتحاد نقابات عمال فلسطين في لبنان بما يمثل، يطمح ان تنال رسالتنا هذه الاهتمام المناسب لما فيها خير للجميع في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة.

إن الشعب الفلسطيني المقيم قسراً في لبنان بسبب الاحتلال الاسرائيلي لوطننا فلسطين منذ بضع وسبعين عاماً يتطلّع إلى ان ينصف من قبلكم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة عامة ولبنان خصوصاً. إذ يأمل أن يعامل كما القانون الدولي الذي ينص على أنه لاجىء وليس بأجنبي، إذ أن الأجنبي يحتاج إلى إقامة وكفيل من أجل تقديم طلب إجازة العمل، بينما العامل الفلسطيني مقيم قسراً ولا يحتاج إلى كفيل هذا من جهة. وبما ان قانون العمل 129 و128 المادة 59 والمادة 9 فقد استثنت المعاملة بالمثل لخصوصية القضية الفلسطينية وبسبب الاحتلال الاسرائيلي لوطننا فلسطين وسيطرته على الحدود والمعابر، وما يتعلق بموضوع الضمان من حيث الاستفادة من نهاية الخدمة وإصابة العمل فقط مع أنه يدفع لكافة الفروع من أمومة وطبابة ومدارس، هذا من جهة أخرى مع عدم صدور مرسوم تطبيقي للقانونين بعد مرور تسعة أعوام.

اما على الصعيد العام للعمالة الفلسطينية التي تؤرق البعض في لبنان هي حاجة ضرورية لأبناء شعبنا إذ أن اللاجىء الفلسطيني لا يجوز أن نقبل فئة معينة منه في سوق العمل في لبنان، ونرفض فئة أخرى، وهي من كيان وصميم الشعب الفلسطيني. مع أن العمالة الفلسطينية لا تتعدى 2% من العمالة الاجنبية.

إذ أن الأعمال التي شرّعت للعمل للعامل الفلسطيني لا تكفي إلا لشريحة (فئة) قليلة منه وهي جعلت الأولوية للعامل اللبناني إذ أن العامل الفلسطيني لا ملجأ لديه وهو محاصر ممنوع من السفر لمعظم الدول العربية تحت حجج عديدة منها دعم القضية الفلسطينية من خلال البقاء في دول الطوق وخصوصاً لبنان من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، والتي نحن نتمسك بها رافضين التوطين متمسكين بحق العودة وبتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً القرار 194.

إننا نتطلع لدوركم البارز في العمل على إنصاف الطبقة العاملة الفلسطينية مع العمل على تقديم تعديل لقانون العمل يتيح لعمالنا أن يعملوا في مختلف المهن وخصوصاً أن أبناء شعبنا يتدرجون بالمدارس والثانويات والجامعات والاختصاصات في المؤسسات التربوية اللبنانية مما يلزم لبنان قانونياً بالسماح لهم بالعمل على الاراضي اللبنانية، وذلك دعماً للحقوق الفلسطينية والقضية الفلسطينية. لكي نستطيع معاً ان نصمد في وجه الاستهداف وصفقة القرن التي نرفضها نحن الفلسطينيين وأنتم وكل احرار العالم”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".