إنما الأعمال كالوِعاء

عن معاوية رضي الله عنه قال سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: “إنما اﻷعمالُ كالوِعاء إذا طابَ أسفلُه طابَ أعلاه، وإذا فسدَ أسفلُه فسدَ أعلاه”. رواه بن ماجه وصححه اﻷلبانيّ. حُسْنُ النِّيَّةِ له كبيرُ اﻷثرِ في صلاحِ الأعمال،ِ وفسادُ النِّيَّةِ يفسدُ العمل كما يفسدُ الخَلُّ العسل.

“إنما اﻷعمالُ كالوِعاء”: أى أنّ العملَ شبيهٌ باﻹناءِ المملوء. “إذا طابَ أسفلُه”: أىْ حَسُنَ وعَذُبَ أسفلُ ما فيه مِن نحوِ مائعٍ “طابَ أعلاه”: الذي هو مَرئيّ. “وإذا فسدَ أسفلُه فسدَ أعلاه”.

فالقصدُ بالتشبيهِ أنّ الظاهرَ عنوانُ الباطن؛ مَن طابَتْ سريرتُه طابَتْ علانيتُه، فإذا اقترنَ العملُ باﻹخلاصِ القلبيّ الذي هو شرطُ القَبول أشرقَ ضياءُ اﻷنوارِ على الجوارحِ الظاهرة، وإذا اقترنَ برياءٍ أو نحوِه اكتسبَ ظُلْمَةً يُدركُها أهلُ البصائرِ وأربابُ السّرائر؛ قال مالكُ بن دينارٍ رحمه الله: إنّ اﻷبرارَ تغلي قلوبُهم بأعمالِ البِرّ، وإنّ الفُجَّارَ تغلي قلوبُهم بأعمالِ الفُجور، واللهُ يرى همومَكم فانظروا ما همومُكم رحمكم الله، وكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ.

اﻹخلاص طريقُ الفلاح، ليس له طريقٌ سواه، واﻹخلاصُ أجلُّ الوسائلِ والفلاحُ أكملُ الغايات
فعَنْ زَيْد بْن ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: “مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ” رواه بن ماجه وصححه اﻷلباني.

فالمؤمنُ المخلصُ لله مِن أطيبِ الناسِ عَيْشًا، وأَنْعَمِهم بالًا، وأشْرَحِهم صدرًا، وأُسَرِّهم قلبًا وهذه جَنَّةٌ عاجلةٌ قبلَ الجَنَّةِ اﻵجلة.

فعلى اﻹنسان أن يجتهدَ في تحصيلِ هذا اﻷصلِ اﻷصيل وهو اﻹخلاصُ للهِ جلّ وعلا. نسألُ اللهَ أن يرزقنا اﻹخلاص. فذكر نفسك، و ذكر إخوانك مِن أهلِ طلبة العلم. وأما ما وراءَ ذلك فإنّ اللهَ تبارك وتعالى وحدَه الخبير؛ هو يعلمُ ما بينَ الضُّلوعِ وما في حَنَايَا الصدور وما انطوت عليه اﻷفئدةُ والقلوب.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".