إسرائيل شرعنت التعذيب.. ومصر تمارسه بشكل منهجي القدس العربي

عقد ثلاثة خبراء أمميين في القضايا المتعلقة بالتعذيب مؤتمرا صحافيا في مقر الأمم المتحدة تحدثوا فيه عن ممارسة التعذيب النفسي والجسدي في العديد من دول العالم. وحظيت منطقة الشرق الأوسط بنصيب كبير من التغطية بسبب انتشار ظاهرة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وخاصة في مصر والسعودية وإيران وإسرائيل علما أن هذه الدول جميعها قد انضمت للمعاهدة الدولية لمنع التعذيب والمعاملات اللاإنسانية وامتهان كرامة البشر والمعاملة القاسية واللاإنسانية أو المهينة.

والمسؤولون الثلاثة هم ينز مودفيج رئيس لجنة مناهضة التعذيب، ومالكوم إيفانز رئيس اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب، ونيلز ميلزر المقرر الخاص للتعذيب والخروقات الأخرى والمعاملة اللاإنسانية والمهينة. ويقدم المسؤولون الثلاثة، الذين تم اختيارهم من قبل مجلس حقوق الإنسان، تقاريرهم للمجلس وللجنة الثالثة التابعة للجمعية العامة في اجتماعها السنوي الحالي.

وردا على سؤال لـ”القدس العربي” حول علاقة المقررين بإسرائيل وإذا ما سمحت لهم بزيارتها والاطلاع على أساليب التعذيب في سجونها وخاصة ممارسة الاعتقال الإداري بدون تهمة محددة، قال مودفيج إن إسرائيل عضو في اتفاقية مناهضة التعذيب، والعضوية تعني ليس فقط الامتناع عن ممارسة التعذيب بل اعتماد مجموعة واسعة من الإجراءات الاحترازية لمناهضة التعذيب. وأضاف “لقد قمنا بمراجعة شاملة لملف إسرائيل قبل ثلاث سنوات وكنا من أشد المنتقدين للطريقة التي تعامل إسرائيل فيها الأسرى الفلسطينيين. نحن على علم بقيام المحكمة العليا في إسرائيل بشرعنة بعض أنواع التعذيب ونحن من منتقدي هذا التشريع”. وأوضح قائلا إن الطريقة التي تعمل بها اللجنة هي المراجعة الدورية، وتقديم ملاحظات للدولة المعنية في جنيف وما لديها من ملفات حول التعذيب وتستمع رد الدولة ثم تقدم لهم توصيات للعمل بها “ثم نطلب منهم الانضمام إلى البروتوكول الاختياري ليكون لدينا مزيد من الصلاحيات إلا أن إسرائيل لم تنضم للبروتوكول الاختياري”.

من جهته، قال المقررميلرز إن بعض الدول تستغل قوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي لتعلن حالات الطوارئ وتمارس الاعتقالات الإدارية تحت حجة المتطلبات الأمنية. وأضاف “نعم يحق للدولة المحتلة حسب اتفاقية جنيف الرابعة أن تعتقل إداريا لمدة محددة بسبب الوضع الأمني على أن يتم مراجعة الخطر الأمني مرة كل ستة أشهر. لكن هناك دول تنتهك هذا القانون وتستغله وتحول الاعتقال الإداري إلى ممارسة متواصلة”. وقال إن الاعتقال الإداري يتطلب مراجعة مصدر التهديد وحجمه وخطره الداهم لتبريره. وبغياب الخطر الداهم يصبح الاعتقال الإداري غير قانوني. ثم إن الاعتقال الإداري لا يمكن أن يكون مبررا لممارسة التعذيب. وأوضح “إن مبرر ممارسة التعذيب لحماية الأرواح غير مقبول وثبت بطلانه بالدليل والخبرة وعدم جدوى هذا التبرير وعلى هذا التبرير أن يتوقف منذ اعتماد اتفاقية مناهضة التعذيب قبل عقدين من الزمان. إن التعذيب يحط من إنسانية المعذَّب والمعذِب معا”.

وأما المقرر مالكوم فقال إن إسرائيل ليست عضوا في البروتوكول الاختياري لكن دولة فلسطين قد انضمت للبروتوكول. و”نحن نعمل الآن مع دولة فلسطين على التوصل إلى آليات مناهضة التعذيب في السجون الفلسطينية، وسنقوم قريبا بزيارة لفلسطين للتوصل إلى مثل هذه الآلية لمنع ومناهضة التعذيب. وللعلم فالسلطة الفلسطينية متعاونة تماما معنا وبمجرد الحصول على وثائق السفر وترتيب البرنامج سنزور مناطق السلطة الفلسطينية”.

وحول سؤال لـ”القدس العربي” حول وضع الشابة الأردنية هبة اللبدي، التي اعتقلت على جسر اللنبي يوم 20 أغسطس/ آب وما زالت قيد الاعتقال الإداري دون أي تهمة، وقد أفاد محاموها بأنها تعرضت للتعذيب الجسدي والنفسي وأعلنت الإضراب عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع، أجمع الخبراء الثلاثة أن القضية لم تصل إلى مكاتبهم ولم يطلب من المقرر الخاص متابعة قضيتها.

وردا على سؤال ثان لـ”القدس العربي” حول أسلوب التشهير بالدول المنتهكة للاتفاقية مناهضة التعذيب وإذا ما كان هناك أسلوب أكثر فعالية من التشهير الذي لا يردع الكثير من الدول، قال مقرر اللجنة إن مناهضة التعذيب “لا تنحصر في إجراءات التشهير وإلحاق العار بالدول المنتهكة للاتفاقية ولكن لدينا مجموعة إجراءات تقنية نقدمها للدول مثل طريقة الاعتقال وطريقة التحقيق وحقوق السجناء”.

مصر والسعودية
وحول الأوضاع في مصر والسعودية، قال المقرر الخاص ميلزر إنه طلب زيارة مصر إلا أنه لم يستلم أي رد إيجابي على طلبه لغاية الآن. وأضاف “نحن نعرف أن هناك ترددا في مصر للحديث في هذا الملف وقد ألغوا مؤتمرا طلبنا أن نعقده معهم في مصر لمراجعة آليات مناهضة التعذيب ومدى التزامهم بالاتفاقية”، مشددا أنه “لا توجد دولة ليست بحاجة إلى مراجعة”.

بدوره أضاف مودفيج، رئيس لجنة مناهضة التعذيب، أن مصر عضو في اتفاقية مناهضة التعذيب إلا أنهم لم يقدموا تقريرهم الدوري منذ سنوات طويلة قد تصل إلى عشر سنوات. وفي هذه الاتفاقية يحق للجنة القيام بتحقيق سري في موضوع التعذيب في حالة وصول معلومات تؤكد أن ممارسة التعذيب منهجية، وهذا هو الوضع في مصر. وأضاف “لقد أنجزنا هذا التقرير السري قبل سنوات وحاولنا العمل والتعاون مع مصر حول القيام بزيارة للسجون ومراكز الاعتقال إلا أن هذا الطلب رفض فقمنا بإنجاز التقرير السري بالوسائل المتاحة ونشرنا ملخصا للتقرير قبل سنتين والذي يؤكد على أن التعذيب في مصر يمارس بطريقة منهجية”.

وعن السعودية، قال رئيس اللجنة إن مراجعة جرت للوضع في السعودية قبل ثلاث سنوات ونشرنا النتائج التي تثير قلقنا علنا، ووضعنا العديد من التوصيات.

جمال خاشقجي
وردا على سؤال آخر لـ”القدس العربي” حول علاقة المقررين بالأمم المتحدة خاصة وأن خلافا شديدا حصل بعد نشر تقرير أينس كالامار حول جريمة مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، بين من اعتبره يمثل موقف الأمم المتحدة ومن اعتبره تقريرا يمثل رأي كالامار الشخصي ولا علاقة للأمين العام والأمم المتحدة به، قال ميلزر إنه في وضع يشبه تماما زميلته كالامار. وأضاف “لي الشرف أن أكون خبيرا مستقلا أو خبيرا تابعا للأمم المتحدة لكنني لا أمثل الأمم المتحدة ولا أمثل الموقف الرسمي. فأنا لدي ولاية من الأمم المتحدة لأعد تقارير وأقدمها للأمم المتحدة. هذا يعطيني نوعا من المسؤولية ونوعا من الظهور باسم الأمم المتحدة لكنني لأ أمثل الأمم المتحدة ولا أتكلم باسمها بل أتكلم معها والوثيقة هي وثيقة رسمية تنشرها الأمم المتحدة كرأي خبير مستقل”. وتابع الخبير الدولي “يعطوني التفويض للتحقيق وأعود لهم بالرأي والنتائج، وقد يقيمون رأيهم أو موقفهم بناء على ما جاء في التقرير”.

وأضاف مودفج رئيس اللجنة أن أعضاء اللجنة هم منتخبون بصفتهم الشخصية ويقومون بالتحقيقات بأنفسهم ويقدمون نتائجهم للدول الأعضاء الموقعة على الاتفاقية وآراء الخبراء ليست ملزمة بل هي آراء الخبراء المستقلين والمحايدين في المسألة قيد التحقيق.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.