أحوال تركية مايو- يونيو2021 :محور الولايات المتحدة الأمريكية

بعد تأخر دام حوالي 5 أشهر، التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بنظيره الأمريكي، جو بايدن، على هامش قمة “الناتو” في بروكسل، منتصف شهر يونيو/ حزيران الجاري. لكن قبل الحديث عن مخرجات ودلالات اللقاء، يجدر الإشارة هنا إلى أن الأسابيع الماضية شهدت لقاءات واتصالات عديدة بين مسؤولين أتراك ونظرائهم الأمريكيين.

حيث جمع اتصال هاتفي وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بنظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، ناقشا فيه العلاقات الثنائية، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة والأحداث التي أعقبته، والملف الأفغاني، والمساعدات الإنسانية إلى سوريا، ومستجدات شرق البحر المتوسط. كما بحث وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مع نظيره الأمريكي لويد أوستن، قضايادفاعية وأمنية إقليمية وثنائية.

وفي اتصال هاتفي آخر، بحث المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، العلاقات الثنائية، وقضايا إقليمية عدة مثل المستجدات في كل أفغانستان، وسوريا، وليبيا، وشرقي المتوسط، وجزيرة قبرص. علاوة على هذه الاتصالات، التقى رئيس الأركان العامة التركية الجنرال يشار جولر، برئيس الأركان العامة للولايات المتحدة الجنرال مارك ميلي في العاصمة البلجيكية بروكسل.

كذلك زارت نائبة وزير الخارجية الأمريكي، ويندي شيرمان، اسطنبول، للمرة الأولى منذ توليها المنصب، وعقدت اجتماعًا مع “قالن”،الذي التقى أيضًا بالمندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بالعاصمة أنقرة.ومن جانبه، عقد الرئيس أردوغان اجتماعًا مع مسؤولين تنفيذيين من نحو 20 شركة أمريكية كبرى، لبحث الاستثمار في تركيا.

هذا العدد الكبير من اللقاءات والاتصالات خلال شهر واحد فقط، توج باللقاء بين أردوغان وبايدن. وفي الحقيقة، فإنه رغم أن هذا التواصل المكثف يعطي إشارة إيجابية على رغبة الطرفين لمد جسور التواصل، والتنسيق بينهما في مختلف القضايا؛ إلا أنه لم يحدث اختراق فعلي حتى الآن في القضايا الرئيسية التي تسبب توترًا في العلاقات بين الطرفين.

فقد أدلى بايدن وأردوغان بعيد اللقاء بتصريحات إيجابية بشكل عام، دون أن تحمل أيًا من هذه التصريحات بوادر حل لقضايا مثل دعم واشنطن للتنظيمات الانفصالية في شمالي سوريا والعراق، أو قضية شراء أنقرة لصواريخ “إس 400”. حيث قال بايدن عقب اللقاء: “أردوغانلقائي بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان كان إيجابيًا ومثمرًا للغاية”.

ومن جانبه، قال أردوغان إن “العلاقات مع الولايات المتحدة دخلت مرحلة جديدة، لافتًا إلى أنه تم التوصل إلى “تفاهمات معها حول أهمية تخطي المشكلات بين البلدين”. كما قال في مناسبة أخرى: “عازمون على الاستفادة القصوى من الأجواء الإيجابية التي توصلنا إليها مع السيد بايدن عبر تعزيز قنوات الحوار مع الولايات المتحدة على كافة المستويات”، مؤكدًا أن القضايا الخلافية بين تركيا والولايات المتحدة “ستُحل مع مرور الوقت”.

لكن في المقابل، صرح أردوغان، قائلًا: “أبلغت بايدن بألا يتوقع من تركيا اتخاذ خطوات مختلفة فيما يتعلق بملفي طائرات إف 35، ومنظومة إس 400، لأننا قمنا بما يقع على عاتقنا فيما يتعلق بطائرات إف 35، ودفعنا الأموال المترتبة علينا. أما فيما يخص منظومة إس 400، فطلبنا منكم منظومات باتريوت ورفضتم بيعها لنا، بل قمتم بسحب المنظومات المنتشرة في قواعدنا العسكرية، وبالتالي لم يكن لدينا خيار سوى البحث عن حلول بأنفسنا”.

وتشير تصريحات الرئيسان بوضوح أن اللقاء ساده جو إيجابي، أكد فيه الطرفان أهمية حل الخلافات؛ لكن في الوقت ذاته لم يستطع الزعيمان التوصل إلى حل فعلي في أي من الملفات. ما يعني أن هناك اتفاقًا صريحًا وضمنيًا بين أنقرة وواشنطن على المحافظة على التواصل بشكل عام، واستمرار التعاون في الملفات غير الشائكة، بينما يؤجل حل الملفات التي تسبب معضلة في العلاقات بين حليفي الناتو.

وهذا ما يفسر التنسيق التركي- الأمريكي المتنامي فيما يخص أفغانستان، حيث إن الرئيس أردوغان أبدى استعداد بلاده لتأمين مطار حامد كرزاي الدولي، في العاصمة الأفغانية كابل، قائلًا إن تركيا ستكون البلد الوحيد “الموثوق به” ممن يحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي والأطلسي.وصرح المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، جون كيربي، أن تركيا وافقت على لعب دور ريادي في تأمين المطار، مؤكدًا أن بلاده تدرس تفاصيل الدعم الذي سيقدم لتركيا في أفغانستان عقب انسحاب قواتها وبقية جنود الناتو. كذلك بحث وزيرا دفاع البلدين هاتفيًا الملف الأفغاني

وبالتأكيد، فإن هناك مخاطر جراء تأمين المطار في بلد غير مستقر كأفغانستان، كما صرحت حركة طالبان أنه “ينبغي لدولة إسلامية مثل تركيا ألا تتولى حماية مطار كابل الدولي”، وأنه “ستكون لذلك تداعيات سلبية على مستقبل تركيا والشعب الأفغاني”. لكن يبدو أن تقدير القيادة التركية أنها قادرة على تأمين المطار، وأن وجودها هناك سيحقق لها مكاسب – من استغلال للقوة الناعمة وملء للفراغ الإقليمي تفوق التداعيات السلبية المتوقعة.

وتركيا في سبيل ذلك، وافقت من حيث المبدأ على تأمين المطار، بل إنها سعت لذلك، لكنها تشترط دعمًا لتأدية هذه المهمة، ولذلك صرح ” كيربي” أنه “لا يزال العمل مستمرًا بخصوص التفاصيل، فهناك الكثير من الأمور التي ينبغي القيام بها” للتنسيق بين واشنطن وأنقرة في هذا الإطار.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،