أثر علوم الإعجاز بين الماضي والحاضر

بقلم الدكتور محمد بورباب
أستاذ زائر / علم الأحياء الجنائية
رئيس هيئة الاعجاز لشمال المغرب
رئيس تحرير مجلة إعجاز الدولية للبحث والتأمل العلمي

تحدى القرآن الكريم البشرية وأعجزها على امتداد التاريخ بأن تأتي بمثل هذا القرآن ،﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ (الإسراء 88)، وبدأ ذلك منذ نزول الوحي حيث تحدى قريشا ليس فقط بما يحمل من حمولات اللغة والفصاحة ، بل كذلك بحمولته من علوم العقيدة والعبادات والتشريع والتاريخ والمعملات، وبما قام به من إزالة للفكر الخرافي من تصور الناس وتزويد البشرية بمعلومات ضرورية عن الكون والحياة…
وبتعدد المحاور العلمية التي يتناولها القرآن الكريم، تعددت جهود العلماء على مدار قرون طويلة لإظهار إعجاز القرآن العظيم
وكان عبد الله بن عباس من العلماء الذين أسسوا لعلوم الإعجاز، واتبعه علماء القرن الثالث كأبي عبيدة (110، / 209 ه)، والفراء(144 هجري/ 207 هجرية )، والجاحظ( 159 هـ-255 هـ)، والنظام 160هـ و185 هـ، ، وابن قتيبة213 / 276 هـ ، والرُماني 296 / 384هـ)، والخطابي319 / 388 هـ، والباقلاني338 / – 402 هـ، وتداخلت جهودهم مع جهود علماء اللغة والأدب: كعبد القاهر الجُرجاني ،والزمخشري ،والرافعي ،وسيد قطب، ومع جهود علماء العقيدة أو الكلام كالبيهقي، وجهود المفسرين كابن عطية في مقدمة كتابه: “المحرر الوجيز” وجهود المؤلفين في علوم القرآن العظيم كالزركشي في كتابه “البرهان في علوم القرآن”، والزُرقاني وكتابه: “مناهل العرفان في علوم القرآن.
وفي العصر الحديث ومع ظهور وسائل التقنية الحديثة، برز محور الاعجاز العلمي في ميادين شتى من علوم البيولوجيا والجيولوجيا والفلك، وتداخلت المعارف فأصبحت هذه العلوم تؤثر في القضايا القانونية وتبرز وجوها ما كان العلماء على امتداد التاريخ البشري بقادرين على الحسم فيها.
ومع نهاية النظام الاشتراكي الذي لم يُعمر سوى سبعة عقود من الزمن، وبعدما شهدت الرأسمالية العالمية أكبر ازمة توشك أن تعصف بها وبالعالم والتي تعيش تحت ظلالها منذ العام 2008، أصبحت البشرية برمتها مهددة بالفناء تحت ضغط المزيد من الحروب والتقاتل على مصادر الثروة والنفوذ، وأصبح العديد من الخبراء يطالبون بعملية إنقاذ مستعجلة ومراجعة جذرية عاجلة للنظام الاقتصادي العالمي والأسس التي تحكمه، من خلال الدعوة الى التطبيقات الإسلامية المرتبطة بالمالية الإسلامية، فأصبحت المحاور الأساسية في مادة الاعجاز تهدف الى تحقيق تنمية اقتصادية محلية مندمجة ومستدامة، من خلال ما تقدمه من دروس تكوينية للطلبة في المالية الإسلامية وفي مختلف ميادين المعرفة على الصعيد الدولي، وبما تقدم من أدوات الاقتصاد الإسلامي التي تعالج الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتحافظ على المكتسبات المادية والبشرية وتساهم في التنبيه للمخاطر الإقليمية والدولية التي تعمل على زحزحة الاستقرار الاجتماعي، و تهدد الوجود البشري في هذه الأرض من خلال ما نتج عنها من نشر الفوضى الخلاقة والحروب والظلم الممنهج. وأصبحت مادة الاعجاز بالتالي تركز على محور إعجاز مقاصد الشريعة الإسلامية في العمل على تعميم السعادة للبشر في الدارين.
وهكذا تطورت علوم الإعجاز من علوم العقيدة واللغة والتاريخ والتشريع بالأمس لتضيف علوم الاجتماع والتنمية في عصرنا.

شاهد أيضاً

عبد المجيد الزنداني.. حياة حافلة بالعلم والعمل والجهاد

ودع اليمنيون والأمة العربية والإسلامية يوم الإثنين 13 من شوال 1445 للهجرة، الموافق 22 أبريل 2024م علما من أعلام هذه الأمة، وكوكبا من كواكبها، وهاديا من هداتها، ورائدا من روادها، هو الشيخ عبد المجيد بن عزيز الزنداني، العالم العامل، والمجاهد والمربي، والقدوة المعلم، القرآني المحمدي الرباني، صاحب العطاءات الدعوية، والإمدادات التربوية، والجهود التعليمية، والأطوار الجهادية،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *