أبو ظبي والقاهرة تصعّدان ضد تركيا… و«الوفاق» تكشف قواعد ليبية تحتلها الإمارات

أصدرت الإمارات ومصر بيانات متزامنة هاجمتا فيها تركيا بسبب ليبيا، وذلك عقب الهزائم المتتالية التي تكبدتها ميليشيات خليفة حفتر المدعوم من القاهرة وأبو ظبي، على يد قوات حكومة «الوفاق» المدعومة من تركيا، وسط تخبط وتحركات سياسية وعسكرية من البلدين في محاولة لإنقاذ حفتر.

وبالتزامن مع بث المركز الإعلامي لعملية «بركان الغضب»، لأول مرة، مقاطع فيديو تثبت تنفيذ الطائرات التركية من طراز بيرقدار ضربات محددة ضد قوات حفتر، كشفت حكومة «الوفاق» عما قالت إنها خريطة القواعد الجوية التي «تحتلها» الإمارات في ليبيا، بالتزامن مع ما كشفته الجزيرة عن وصول شخصيات إماراتية بشكل سري إلى السودان في محاولة لحشد الدعم لإنقاذ حفتر.

حفتر يعلن وقف إطلاق النار من جانب واحد… ومحاولات إقليمية لمدّه بمرتزقة

وخلال الأسابيع الأخيرة، تكبدت ميليشيات حفتر هزائم متتالية، حيث تمكنت قوات حكومة الوفاق من السيطرة على 8 مدن في الساحل الغربي، أبرزها صبراتة وصرمان، وأطلقت عملية عسكرية واسعة للسيطرة على مدينة ترهونة وإنهاء خطر هجمات ميليشيات حفتر على العاصمة طرابلس، إلى جانب محاصرة قاعدة الوطية الجوية أبرز نقطة تمركز عسكري لميليشيات حفتر وداعميه غربي ليبيا.
وعلى أثر هذه التطورات، وفي خضم حالة غير مسبوقة من التخبط والخشية من الهزيمة العسكرية، أعلن حفتر، الإثنين، إسقاط اتفاق «الصخيرات» السياسي وتنصيب نفسه حاكما للبلاد، قبل أن يعلن مساء الأربعاء، وقف جميع العمليات العسكرية من جانب واحد في محاور العاصمة الليبية طرابلس، في خطوات تكشف حجم الأزمة التي يمر بها.
فعلى الرغم من إعلانه في 21 آذار/ مارس الماضي، الموافقة على هدنة إنسانية دعت إليها الأمم المتحدة لتركيز الجهود على مواجهة كورونا، واصل حفتر هجوماً متعثراً بدأه في 4 أبريل/نيسان 2019، للسيطرة على طرابلس مقر الحكومة، ليغير رأيه فجأة ويقرر وقف إطلاق النار، في خطوة اعتبرت بمثابة محاولة لإعادة ترتيب صفوف قواته التي تكبدت خسائر فادحة أخيراً.
وبموجب مذكرة للتفاهم العسكري، أعلنت تركيا إرسال ضباط من الجيش التركي لدعم حكومة الوفاق في طرابلس التي قدمت لها الدعم العسكري لا سيما الغطاء الجوي، حيث ساهمت الطائرات التركية بدون طيار في تغيير موازين القوى العسكرية على الأرض، ورجحت الكفة لصالح الوفاق في الأسابيع الأخيرة.
والخميس، أعلنت الإمارات «رفضها القاطع للدور العسكري التركي الذي يعرقل فرص وقف إطلاق النار، ويجهض جهود المجتمع الدولي للتوصل إلى حل سياسي شامل»، مشيدة بما أسمتها «إنجازات الجيش الليبي (ميليشيات حفتر) في الحرب على الإرهاب». وشددت على ضرورة الالتزام بالحل السياسي رغم استمرارها في تقديم الدعم العسكري لميليشيات حفتر.
وسبق ذلك بيان مشابه للخارجية المصرية هاجم تركيا بقوة، وجاء فيه: «البحث عن حل سياسي لا يعني ولا يجب أن يؤدي إلى التهاون في مواجهة التيارات المتطرفة الإرهابية في ليبيا المدعومة من تركيا أو الدخول معها في مفاوضات حول مستقبل ليبيا».
كما أصدر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بياناً أدان فيه «التدخلات الخارجية المتزايدة والمكشوفة في الأزمة الليبية».
الخارجية التركية بدورها ردت على البيان المصري بالدرجة الأولى، واعتبرت أن «اتهام الإدارة المصرية أنقرة بدعم الإرهابيين المتطرفين في ليبيا، يعكس بكل وضوح جهودها للتستر على مخططاتها هناك».
وجاء في البيان: «دعم الإدارة المصرية لحفتر الذي يهدف إلى إقامة ديكتاتورية عسكرية في ليبيا، ليس أمراً مستغرباً».
وأضافت الخارجية: «دعم (الإدارة المصرية) أمير الحرب (حفتر) الذي أعلن علناً أنه لن يعترف بالشرعية الدولية للاتفاق السياسي الليبي (الصخيرات) من جهة، وادعاء الالتزام بعملية الحل السياسي في ليبيا من جهة، تناقض غريب»، وتابعت: «إذا كانت الإدارة المصرية تريد حقاً تشجيع الحل السياسي في ليبيا وتهتمّ برفاهية الشعب الليبي، ينبغي لها أن تتوقف فوراً عن دعمها للمحاولات الانقلابية لحفتر».
والخميس، كشفت قناة «الجزيرة» عن أن طائرة إماراتية متخفية بشعار فريق مانشستر سيتي لكرة القدم، حطت في الجزء العسكري من مطار الخرطوم أول أمس الثلاثاء، وكان على متنها مسؤولون إماراتيون بارزون، على رأسهم مستشار الأمن الوطني في الإمارات طحنون بن زايد، وأجروا مباحثات ركزت على إيجاد آلية لدعم حفتر ودعم قواته بمقاتلين سودانيين.
وسبق أن فجّرت فضيحة استغلال الإمارات لعمال سودانيين وخداعهم باستقدامهم للعمل بشركات أمنية، ومن ثم إجبارهم على التدريب في معسكرات خاصة لإرسالهم للقتال في اليمن وليبيا، غضبَ السودانيين، كما اتهم تقرير أممي السودان بخرق منظومة حظر الأسلحة المفروضة على الأراضي الليبية بإرسال ألف جندي من قوات الدعم السريع إلى ليبيا.
وتعقيباً على سعي الإمارات لجلب مرتزقة سودانيين إلى ليبيا، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، إن قوات الوفاق سوف «تعيدهم إلى بلدانهم في توابيت»، مؤكداً أن «حكومة الوفاق الوطني نظمت صفوفها أكثر بعد توقيع الاتفاقية العسكرية مع تركيا».
كما كشف الناطق باسم حكومة الوفاق محمد قنونو عن وجود «قواعد جوية ليبية خارج السيطرة، وهي بحكم المحتلة، نظرًا لوجود قوات أجنبية فيها، حيث تديرها دول، بينها الإمارات، لإحداث فوضى في البلاد»، مشيراً إلى أن الإمارات تسيطر على ثلاث قواعد مهمة هي الوطية والجفرة والخادم.
وفي إشارة أخرى إلى تسارع تحركات حلفاء حفتر في محاولة لوقف تراجعه، رصدت حكومة الوفاق تحليق طائرتين فرنسيتين في سماء مدينة مصراتة، 200 كيلومتر عن العاصمة طرابلس، وقدمت احتجاجاً رسمياً لباريس التي ادعت أنها سوف تستكشف الأمر مع وزارة الدفاع.
يذكر أن فرنسا من أبرز الدول الداعمة لحفتر إلى جانب الإمارات ومصر.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.